هذا كلّه مضافاً إلى ما سبق، من أنّ القاضي الذي تفوّض إليه السلطة على حقوق الناس و أموالهم و أعراضهم يجب عليه أن يتميّز باعتبار خاصّ كي يكون لحكمه وقع في النفوس و حتّى يطمئنّوا إليه و ينقادوا لأحكامه، بل ليكسب رضا اللَّه عزّ و جلّ في أفعاله أوّلًا و آخراً.
و هذا القدر من الشرح كاف في اعتبار العدالة، و البحث التفصيلي فيها موكول إلى كتابي الصلاة و الشهادات.
أمّا عبارة المصنّف رحمه الله: «و يدخل في ضمن العدالة اشتراط الأمانة و المحافظة على فعل الواجبات»، فهي ظاهرة و لعلّه رحمه الله أراد به التعريض لمن جمع بين العدالة و الأمانة و أنّ ذكر العدالة يغني عن ذكر الأمانة كما قال المحقّق الرشتي[1].
الأمر الثاني: في الأدلّة
أ- الكتاب
قال اللَّه تعالى: «وَ لا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ».[2]
ببيان أنّ كلّ فاسقٍ ظالمٌ؛ لأنّه بارتكابه المعاصي إن لم يظلم الآخرين فهو يظلم نفسه على الأقلّ. و الركون هو الاعتماد على شيءٍ عن ميل إليه.[3] و قال عليّ بن إبراهيم في ذيل الآية: «ركون مودّة و نصيحة و طاعة.»[4]