سالم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: «لمّا ولّى أمير المؤمنين عليه السلام شريحاً القضاء اشترط عليه أن لا ينفذ القضاء حتّى يعرضه عليه.»[1] و قال ابن أبي الحديد: «سخط عليّ عليه السلام مرّة عليه فطرده عن الكوفة و لم يعزله عن القضاء و أمره بالمقام ببانقيا، و كانت قرية من الكوفة أكثر ساكنها اليهود، فأقام بها مدّة حتّى رضي عنه و أعاده إلى الكوفة.»
و نقل أيضاً: «إنّه ثلاثة لا يؤمنون على عليّ بن أبي طالب عليه السلام مسروق و مرّة و شريح.»[2] و قال أيضاً: «استأذنه عليه السلام شريح و غيره من قضاة عثمان في القضاء أوّل ما وقعت الفُرقة فقال عليه السلام: اقضوا كما كنتم تقضون حتّى تكون للناس جماعة أو أموت كما مات أصحابي.»[3] قال المحقّق التستري رحمه الله: «روى الطبري عن أبي مخنف أنّ الناس قالوا للمختار: اجعل شريحاً قاضياً. فسمع الشيعة يقولون إنّه عثمانيّ و إنّه ممّن شهد على حجر و إنّه لم يبلغ عن هاني ما أرسله به و إنّ عليّاً عليه السلام عزله عن القضاء. و نقل أيضاً أنّه صاح: «وا عمراه» عند نهي أمير المؤمنين عليه السلام عن صلاة التراويح.»[4] و بالتالي، فإنّ عدم مراعاة شرط الإيمان إنّما يرجع تماماً إلى مقام الاضطرار، كما هو مقتضى زمانه عليه السلام و عليه فإنّ منع الإمام عليه السلام شريحاً من إنفاذ قضائه إلّا بعد عرضه عليه، لم يكن في واقع غرضه إلّا لمنعه من فساد عظيم و الاكتفاء بالقدر المتيقّن الصحيح منه.
و ملخّص القول أنّنا لم نستفد من تلك الأحاديث المتعلّقة بقضاء شريح اشتراط الإيمان و العدالة و لا نستفيد عدم اشتراطهما؛ لما في النفس شيء منه. و ستأتي الإشارة
[1]- وسائل الشيعة، الباب 3 من أبواب صفات القاضي، ح 1، ج 27، صص 16 و 17.