قال الشيخ الطوسي رحمه الله: «إذا استعدى[1] رجل عند الحاكم على رجل، لم يخل المستعدى عليه من أحد أمرين؛ إمّا أن يكون حاضراً أو غائباً، فإن كان حاضراً اعتدى عليه و أحضره سواء علم بينهما معاملة أو لم يعلم؛ و هو الأقوى عندنا. و ليس في ذلك ابتذال لأهل الصيانات و المروّات؛ فإنّ عليّاً عليه السلام حضر مع يهودي عند شريح، و حضر عمر مع أُبيّ عند زيد بن ثابت ليحكم بينهما في داره. و حجّ المنصور فحضر مع جمّالين مجلس الحكم لحلف كان بينهما. و قال بعضهم إذا كان من أهل الصيانات، لم يحضره الحاكم إلى مجلس الحكم، بل يستدعيه إلى منزله و يقضي بينه و بين خصمه فيه، و إن لم يكن من أهل الصيانات، أحضره مجلس الحكم.»[2] و قال أيضاً: «مسألة 33: إذا استعدى رجل عند الحاكم على رجل، و كان المستعدى عليه حاضراً، أعدى عليه و أحضره؛ سواء علم بينهما معاملة أو لم يعلم و به قال الشافعي و أهل العراق. و قال مالك: إذا لم يعلم بينهما معاملة، لم يحضره؛ لما روي عن علي عليه السلام أنّه قال: «لا يعدي الحاكم على خصم إلّا أن يعلم بينهما معاملة» و لا مخالف له.
دليلنا: ما رواه ابن عباس، أنّ النبي صلى الله عليه و آله قال: «البيّنة على المدّعي و اليمين على المدّعى عليه» و لم يفصّل، و لأنّه لو لم يحضره إلّا بعد أن يعلم بينهما معاملة أفضى إلى إسقاط أكثر الحقوق؛ فإنّ أكثرها يجب بغير بيّنة كالمغصوب، و الجنايات، و السرقة و الودائع.
[1]- الإعداء: الإعانة أو الانتقام ممّن اعتدى و الاستعداء: طلب الدعوى.