كما قيل: إنّ عمل القاضي بعلمه، إنّما هو مدّعاة للاتّهام[1].
و فيه: أنّه ليس إلّا مجرّد استحسان، مع أنّ كليّته ممنوعة و التهمة قد تحصل مع البيّنة و الجلوس في منصب القضاء أيضاً.[2] و بعد ما عرفت من أدلّة القائلين بالجواز و عدم الجواز أقول:
مقتضى التحقيق أنّ صور المسألة أربعة لا خامسة لها عقلًا:
الأولى: أن تكون البيّنة قائمة و أن يكون العلم حاصلًا على طبقها.
الثانية: أن تكون البيّنة قائمة و لا يكون العلم حاصلًا لا على طبقها و لا على خلافها.
الثالثة: أن يكون العلم حاصلًا في حين أنّه ليس في البين بيّنة.
الرابعة: أن تكون البيّنة قائمة بينما العلم حاصل على خلافها.
هذه هي الصور الأربعة و لا ثمرة للنزاع في الأولى و الثانية منها. و أمّا الصورة الثالثة، فلو قلنا بعدم حجيّته، فلا بدّ إمّا أن نعمل بالحلف، مع القطع بكذبه على كونه مخالفاً له لأنّه لو كان موافقاً له فلا تبقى ثمرة للنزاع، و هذا كما ترى لا ينبغي لأحد التفوّه به.
و إمّا أن لا نقضي، لا بالعلم و لا بالحلف، كما قال صاحب الجواهر رحمه الله[3] و هذا- مع أنّه دليل على أنّ حجّيّة اليمين من باب الطريقيّة، و هو ينافي ظاهر الحديث الذي ورد فيه الحصر- يوجب تعطيل القضاء و الإبقاء على مادّة النزاع و أسبابه، في حين أنّ الشارع المقدّس يسعى جاهداً و بأقرب وقت ممكن على رفعها و إزالتها، و هذا ممّا لم يتوصّل إليه إلّا بالعمل على طبق العلم.
و أمّا الصورة الرابعة، فهي أيضاً كذلك، لأنّه إمّا أن تكون البيّنة حجّة، مع العلم بكذبها،