ثمّ يظهر لمن تتبّع أقوال القدماء و المتأخّرين أنّه لا مخالف في جواز قضاء الحاكم بعلمه في حقوق الناس إلّا ما حكي عن ابن الجنيد رحمه الله، بخلاف حدود اللَّه تعالى، إذ فيها خلاف و إن رجّح كثير منهم الجواز أيضاً.
هذا كلّه في نقل الإجماع، و من المحتمل قويّاً كون الإجماع مستنداً إلى الأدلّة اللفظيّة الكثيرة التي بأيدينا فيحتمل أن يكون الإجماع مدركيّاً و مع ذلك يكون مؤيّداً لا دليلًا.
الرابع: اعتبارات عقليّة
من عدم الفرق بين علم المعصوم و علم غيره[1]، و من كون العلم أقوى من الظنّ الحاصل من البيّنة أو اليمين[2] و لا يخفى ما فيهما من التأمّل.
ب- أدلّة عدم الجواز
الأوّل: الروايات الدالّة على انحصار حكم القاضي بالبيّنة و الإقرار و اليمين و لم يذكر العلم فيها
. 1- صحيحة جميل و هشام عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: «قال رسول صلى الله عليه و آله: البيّنة على من ادّعى و اليمين على من ادّعي عليه.»[3] و لكن ليس فيه دلالة على الحصر و أنّه لا يجوز العمل بالعلم.
2- صحيحة هشام بن الحكم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: «قال رسول صلى الله عليه و آله: إنّما أقضي بينكم بالبيّنات و الايمان و بعضكم ألحن بحجّته من بعض؛ فأيّما رجل قطعت له من مال أخيه شيئاً، فإنّما قطعت له به قطعة من النار.»[4]