يوكّله عقد بنفسه للضرورة[1] و لعلّ الرواية الآتية تشير إلى ذلك.
قد روي عن أبي مطر، عن أمير المؤمنين عليه السلام: «إنّه أتى دار فرات و هو سوق الكرابيس فقال: يا شيخ! أحسن بيعي في قميص بثلاثة دراهم، فلمّا عرفه لم يشتر منه شيئاً، ثمّ أتى آخر فلمّا عرفه لم يشتر منه شيئاً، فأتى غلاماً حدثاً فاشترى منه قميصاً بثلاثة دراهم.»[2] ثمّ المراد من الحكومة أن يقف مع خصمه بين يدي قاضٍ و ينبغي أن يرسل وكيلًا.
و يدلّ على ذلك ما روي عن علي عليه السلام أنّه كان وكّل عبد اللّه بن جعفر بالخصومة و قال: «إنّ للخصومة قُحَماً.»[3] و في نقل آخر: «إنّ للخصومة قحماً و إنّي لأكره أن أحضرها»[4].
و القُحَم: الأمر الشاقّ و المراد أنّها تقحم به إلى ما لا يليق فيقع بسببه في مشقّة.
و لا ينافي ذلك ما روي من حضور النبي صلى الله عليه و آله أو علي عليه السلام في المحكمة[5] إذ لعلّ الغرض بيان بعض الأحكام الشرعيّة التي أخطأ فيها من نصب نفسه قاضياً للناس، أو لغير ذلك من المصالح[6].
ه- استعمال الانقباض المانع من اللحن بالحجّة
قال الشهيد الثاني رحمه الله: «و المراد أنّ انقباض القاضي في وجه الخصم يمنعه من الإتيان بحجّته و تحرير دعواه على وجه الكمال، بل يشغل نفسه و يشوّش فكره، فيقصر عن بلوغ
[1]- مسالك الأفهام، ج 13، ص 381- راجع: مجمع الفائدة و البرهان، ج 12، ص 45.