و قد رأينا كثيراً أنّه قد يعرف المفضول شيئاً لا يعرفه الفاضل، و يعرف التلميذ شيئاً لا يعرفه الأستاذ، مع أنّه أخذه منه و نسيه.[1] و ليس الغرض من إحضارهم تقليد القاضي منهم. قال الشهيد الثاني رحمه الله: «و ليس المراد أن يقلّدهم في المسألة، سواء تبيّن خطؤه أم لا، لما تقرّر من أنّ غير المجتهد لا ينفذ قضاؤه مطلقاً، بل لأنّ القضاء مظنّة تشعّب الخاطر و تقسّم الفكر، و جزئيّات الأحكام الواردة عليه بعضها يشتمل على دقّة و صعوبة مدرك، فربما غفل بواسطة ذلك عن بعض مدارك المسألة، فينبّهوه عليه ليعتمد منه ما هو الأرجح منه.»[2] و المراد من تعليل المحقّق رحمه الله بأنّ المصيب عندنا واحد، ما قاله المحقّق الأردبيلي رحمه الله.
قال: «يمكن أن يقال: إنّ مراده أنّ التنبيه على الخطأ واجب عند من يرى أنّ المصيب واحد، أو راجح لا يتركه البتّة، إذ قوله: «لأنّ المصيب إلخ» دليل الجزم على أنّهم ينبّهونه البتّة، أو يجب عليهم- بناءً على أنّ المصيب واحد- ذلك، فليس تقييد لأصل الحكم و هو ظاهر.»[3] و بناءً على هذا فليس مراد المحقّق أنّ هذا الأدب يختصّ بمن يعتقد أنّ المصيب واحد و لا يستحبّ عند العامّة، فلا يرد عليه ما أورد.[4] ثمّ إنّ قول المحقّق رحمه الله: «لو أخطأ فأتلف لم يضمن و كان على بيت المال» لم يكن من الآداب بل من الأحكام اللازمة المترتّبة على خطأ القاضي في حكمه من غير تقصير و جور.
و يدلّ على عدم ضمانه كونه محسناً، و على أنّ الضمان في بيت المال أوّلًا: خبر
[1]- راجع: مجمع الفائدة و البرهان، ج 12، ص 38- مسالك الأفهام، ج 13، ص 373.