الجنائز و يأتي مقدم الغائب؛ لأنّها قربة و طاعة، فإن كثر هذا و ازدحم عليه حضر الكلّ، لأنّه حقّ يسهّل قضاءه، و يحضر لحظة و ينصرف.»[1]
الأمر الثاني: في النظر في بعض الآداب
ثمّ ينبغي أن ننظر في بعض الآداب الخاصّة.
1- الجلوس للقضاء في موضع بارز للناس
و هذا الأدب نقله أكثر الأصحاب من القدماء إلى متأخّري المتأخّرين[2] و علّلوه بتسهيل الوصول إليه و أن لا تهابه الناس، و لكن من العلل الجديرة بالذكر هو أن يكون مجلس القضاء بأعين من الناس و علنيّاً لينظر الناس عدل القاضي في أحكامه و لا يحتملون الظلم في حقّه و حقّ السلطة القضائيّة. و من المشهور في ألسنة بعض الناس أن ليس الحسن في العدل في القضاء، بل الحسن أن ينظر الناس إلى عدله و يعلموا بأنّ السلطة القضائيّة سلطة عادلة و متسلّطة؛ و لا يبعد أن يقال: إنّ كون القضاء بمرأى الناس و عدمه من حقوق المتداعيين، بل من حقوق الناس. و على الحاكم أن يدفع احتمال الظلم عن نفسه بجعل مجلس القضاء علنيّاً إلّا أن يكون فيه الحرمة أو إفشاء الفاحشة.
و ينبغي نقل بعض كتاب أمير المؤمنين عليه السلام إلى مالك الأشتر النخعي: «و إن ظنّت الرعيّة بك حيفاً فأصحر لهم بعذرك و اعدل عنك ظنونهم بإصحارك، فإنّ في ذلك رياضة منك
[1]- المبسوط، ج 8، ص 89- و راجع: المهذّب، ج 2، صص 593 و 594.
[2]- المبسوط، ج 8، ص 87- المهذّب، ج 2، ص 592- الوسيلة، ص 309- جواهر الكلام، ج 40، ص 73- مجمع الفائدة و البرهان، ج 12، ص 34.