لعلّ نظر الشهيد إلى أنّ دفعه عليه السلام الدرع إلى المدّعي دليل على أنّ حكم شريح كان ماضياً عنده مع أنّ علياً عليه السلام خالفه و أثبت خطأه. و فيه أنّ دفع الدرع لعلّه كان لدفع التهمة عنه عليه السلام و إلّا ذيل الحديث شاهد على أنّ عليّاً عليه السلام نبّهه على خطأه في قضائه و علّمه.[1] و أمّا ما قيل من أنّ مفسدة عزل شريح ليست بأعظم من عزل معاوية و لا يمكن أن يقال: إنّ المصلحة أوجبت نصب شريح، فقلنا: قياس تصدّي شخص مثل معاوية إمامة المسلمين مع تصدّي شريح للقضاء مع الفارق، و إنّ المصلحة في عدم عزل معاوية مهما كانت تضمحلّ في جنب المفاسد الخطيرة الحاصلة من إمارته. مضافاً إلى أنّ معاوية لم يبايع عليّاً عليه السلام مع أنّ شريحاً بايعه.[2]
و الثاني: عدم الجواز
كما عليه العلّامة[3] و الفخر رحمهما الله[4] و استدلّ على ذلك بأمورٍ:
1- إطلاق دليل الشرطيّة و أنّ فقد الشرط يوجب عدم المشروط.
و فيه: أنّ القائل بالجواز يقبل إطلاق دليل الشرط لكن، يقول بتقييده بدليل المصلحة أو محكوميّته بالضرورة.
2- إنّ النصّ و الفتوى يدلّان صريحاً على عدم مشروعيّة القضاء لغير الواجد للشرائط تقيّة على وجه يجري عليها أحكام القضاء الصحيح كما تجوز التبعيّة في الصلاة و الوضوء و الغسل فضلًا عن غيرها و من هنا استفاضت النصوص في النهي عن المرافعة إلى قضاتهم و أنّها من المرافعة إلى الجبت و الطاغوت مع استفاضتها في الحثّ على الصلاة معهم.
و فيه: أنّه فرق بين موارد التقيّة و بين ما نحن بصدده فإنّه في التقيّة يكون القضاء
[1]- راجع: جواهر الكلام، ج 40، ص 69- مفتاح الكرامة، ج 10، ص 13.
[2]- راجع: القضاء و الشهادات للشيخ الأنصاري، ص 59- مفتاح الكرامة، ج 10، ص 13- كتاب القضاء للمحقّق الگلپايگاني، ج 1، ص 136.
[3]- راجع: إرشاد الأذهان، ج 2، صص 138 و 139- تحرير الأحكام، ج 2، ص 181، فرع« ى»