قال الشيخ الطوسي رحمه الله: «فإذا كتب له و ولّاه، لم يخل البلد الذي ولّاه من أحد أمرين؛ إمّا أن يكون بعيداً أو قريباً، فإن كان بعيداً منقطعاً لا يكاد يستفيض الخبر بالولاة، أحضر الإمام شاهدين و أشهدهما على نفسه بتوليته ... و إن كان البلد قريباً من بلد الإمام كالبصرة و الكوفة و واسط و الموصل من بغداد و ما كان في معناها بحيث تتواتر الأخبار إليه بالتولية، قال قوم: اقتصر عليه. و يثبت بالاستفاضة كالنسب و الموت و الملك المطلق، و قال آخرون: لا يثبت بالاستفاضة كالبلد البعيد. و الذي أقوله: إنّ الاستفاضة إن بلغت إلى حدّ يوجب العلم، فإنّه يثبت الولاية بها و إن لم يبلغ ذلك لم يثبت. و أصل هذه ثلاث مسائل اختلفوا فيها: النكاح و الوقف و العتق، فالكلّ على هذين الوجهين، قال قوم: تثبت بالاستفاضة، و قال آخرون: لا تثبت، و يقوى في نفسي في هذه المسائل أنّها تثبت بالاستفاضة، و عليه تدلّ أخبارنا.»[1] و قال الشهيد الثاني رحمه الله: «ولاية القاضي كغيرها من الحقوق تثبت بما تثبت به من شهادة عدلين بها و إن لم يحكم بها حاكم، و بسماع التولية من الإمام، و بالاستفاضة، و هي: إخبار جماعة لا تجمعهم داعية التواطؤ عادة و يحصل بقولهم العلم بمضمون خبرهم على ما يقتضيه كلام المصنّف رحمه الله هنا، أو الظنّ الغالب المقارب له على قول. و الاكتفاء بالاستفاضة على تقدير اشتراط العلم واضح؛ لأنّها حينئذٍ أقوى من البيّنة التي نصبها الشارع لإثبات