و أمّا الروايات فمنها: وصيّة أمير المؤمنين عليه السلام لشريح التي جاء فيها: «... و إيّاك و التضجّر و التأذّي في مجلس القضاء الذي أوجب اللَّه فيه الأجر و يحسن فيه الذخر لمن قضى بالحقّ ...»[1] و قد مرّ بعض الروايات في كلام ابن فهد الحلّي عن النبي صلى الله عليه و آله[2] و قد استدلّ أيضاً برواية: «القضاة أربعة ... و رجل قضى بالحقّ و هو يعلم فهو في الجنّة.»[3] لكنّ الروايات غير معتبرة سنداً إلّا أن نقول بالتسامح في أدلّة السنن و في الخدشة في دلالتها أيضاً مجال.
و تمسّكوا أيضا بالأدلّة العقليّة التي مرّت في كلام ابن فهد الحلّي رحمه الله.
و من الأدلّة التي أقاموها هو الإجماع المدّعى في كلام الشيخ الطوسي رحمه الله[4] إن قلنا إنّه ناظر إلى الاستحباب لا الوجوب الكفائيّ.
و قد قيل بعدم استحبابه بل كراهته لتعارض هذه الأدلّة الدالّة على عظم خطره مع أدلّة الاستحباب.
قال ابن قدامة: «و ظاهر كلام أحمد أنّه لا يستحبّ له الدخول فيه لما فيه من الخطر و الغرر و في تركه من السلامة و لما ورد فيه من التشديد و الذمّ و لأنّ طريقة السلف الامتناع منه و التوقّي.»[5] أقول: استحبابه كما مرّ في كلام المصنّف ثابت و مشروط بما إذا كان يثق من نفسه و كان جامعاً لشرائطه، و الغرر و الخطر و الذبح بغير سكّين الوارد في أحاديثنا[6] فهو لبيان
[1]- وسائل الشيعة، الباب 1 من أبواب آداب القاضي، ح 1، ج 27، ص 212- الكافي، ج 7، ص 413.