و المسابقة على الغير فيختلف موضع الحكمين»[1] و لذا يمكن أن يقال: إنّ مراد المصنّف في الشرائع بقرينة قوله في المختصر النافع، أنّ القضاء بمعناه المصدري و هو فصل النزاع بين الناس واجب كفاية و أمّا تولي القضاء بمعنى اتّخاذ القضاء منصباً من قبل السلطان العادل و قبوله من قبل من له حقّ الولاية شرعاً مستحبّ عيناً فلذلك قال المحقّق في الشرائع: إنّه مستحبّ لمن يثق من نفسه. و معلوم أنّ في وجوبه الكفائي لا يشترط أن يكون القاضي ممّن يثق من نفسه بل يشترط أن يكون واجداً لشرائطه و إلّا فالواجب عليه تحصيلها. و قد أشار إليه المحقّق اليزدي رحمه الله في آخر كلامه: «و يمكن أن يقال: إنّ مرادهم من التولّي ليس مجرّد المباشرة بل تولّي منصب القضاء و صيرورته قاضياً في البلد، فموضوع الاستحباب غير موضوع الوجوب.»[2] و يمكن أن يقال: إنّه واجب كفائي ما لم يقم عليه من به الكفاية و إذا قام فيكون مستحبّاً نفسيّاً على البقيّة كما هو المستفاد من كلمات الأكابر.
و ملخّص ما يستفاد من تلك الأقوال أنّ الواجدين لشرائط القضاء إن لم يكونوا بأكثر من قدر الكفاية بين الناس فيجب عليهم توليته وجوباً عينيّاً و إن كانوا أكثر فيجب عليهم وجوباً كفائيّاً ما لم يقم عليه من به الكفاية و إذا قام فيستحبّ على البقيّة.
فالمهمّ في المقام بيان الأدلّة على استحبابه عيناً و رفع التعارض بين هذه الأدلّة و الأدلّة التي تدلّ على عظم خطره. و هي:
أمّا الآيات التي استدلّوا بها جمع من الفقهاء كالشيخ[3] و ابن إدريس رحمهما الله[4] فإنّها لا تدلّ على خصوص استحبابه عيناً بل دلالتها على الوجوب أظهر.