المسألة الخامسة: ما هو مدى جواز التحكيم من الأحكام و الموضوعات؟
اختلف الفقهاء في ما يجوز فيه التحكيم و ما لا يجوز فيه على أقوال:
1- يجوز التحكيم في جميع الأحكام من حقّ اللَّه و حقّ الناس حتّى العقوبات.
قال الشيخ الطوسي رحمه الله: «فإذا ثبت أنّه سائغ جائز ففي الناس من قال يجوز في كلّ الأحكام إلّا أربعة؛ النكاح و القذف و اللعان و القصاص؛ لأنّ لهذه الأحكام مزيّة على غيرها فلم يملك النظر فيها إلّا الإمام أو من إليه النظر، و قال آخرون: يصحّ في الكلّ؛ لأنّ كلّ من كان له أن يحكم في غير الأربعة جاز فيها، كالمولى و عموم الأخبار يقتضي ذلك.»[1] و قال العلّامة رحمه الله: «... لزمهما حكمه في كلّ الأحكام حتّى العقوبات ... و هل له الحبس و استيفاء العقوبة إشكال، و لا ينفذ على غير المتراضيين حتّى لا يضرب دية الخطأ على عاقلة الراضي بحكمه.»[2] و قال الشهيد الأوّل رحمه الله: «و يلزم الخصمين المتراضيين به حكمه حتّى في العقوبة ...
و لا يتعدّى حكمه المتراضيين فلا يضرب الدية على عاقلة المدّعى عليه و لا يستثنى من التحكيم النكاح و القصاص و اللعان و القذف لفقد المخصّص.»[3] و قال الفاضل الأصبهاني رحمه الله: «و حكمه لازم نافذ في كلّ الأحكام في حقوق الناس و حقوق اللَّه حتّى العقوبات للعمومات و إن كان في جواز إقامته لها الإشكال الآتي.»[4] و هذا القول مختار الحنابلة و بعض الشافعيّة و الظاهريّه بحجّة أنّه كحاكم الإمام الذي