و كذلك في فصل الخصومات بين الأشخاص و الشعوب المختلفة الذين لا يعمدون إلى القضاة الرسميّين و لا ينقادون إلى أحكامهم؛ فإنّه لا يوجد لهم طريق آخر سوى القبول بقاضي التحكيم. و كيف يصار إلى التشكيك في الرجوع إلى قاضي التحكيم و هو أصل مقبول معتمد عليه بين الأشخاص الحقيقيّين و الحقوقيّين، و الرفض لمثل هذا الرجوع يحتاج إلى دليل شرعيّ قويّ و ليست تلك الأقوال و المناقشات ناهضة بذلك.
و الحاصل: أنّه لا شكّ في مشروعيّة الرجوع إلى قاضي التحكيم و مشروعيّة حكمه و لزوم العمل به.
المطلب الثالث: في أسئلة مهمّة حول التحكيم و الجواب عنها
و هناك أسئلة، نوردها الواحدة بعد الأخرى ثمّ نجيب عنها:
المسألة الأولى: هل يحتاج مع نصب المترافعين لقاضي التحكيم إلى نصب من الإمام عليه السلام أو من الحكومة أم لا؟
قبل الورود نتعرّض لجملة من أقوال الفقهاء:
قال الشهيد الثاني رحمه الله: «التحكيم أن يحكّم الخصمان واحداً من الناس جامعاً لشرائط الحكم سواء نصّ من له التولية أم لا.»[1] و قال المحقّق الأردبيلي رحمه الله في ضمن تعريف قاضي التحكيم: «... و لم يكن مأذوناً و منصوباً بخصوصه من الإمام و نائبه للحكم و القضاء و حكم بحكم موافق للحقّ و نفس الأمر بشرط اتّصافه بشرائط الحكم غير الإذن.»[2]