و قال الشيخ الأعظم رحمه الله: «و لا يقيّد هذه بما تقدّم من اعتبار إذن الإمام عليه السلام لأنّ ما يعتبر فيه الإذن هو نفوذ الحكم مطلقاً و يعبّر عنه بولاية الحكم و بالحكومة فتأمّل.»[1] و قد تبيّن من هذه الأقوال أنّ قاضي التحكيم يفترق عن القاضي المنصوب بالإذن و عدمه، و تعبير بعض كالشيخ الطوسي رحمه الله و غيره[2] عن قاضي التحكيم ب «الرعيّة» في قولهم: «إذا تراضى نفسان برجل من الرعيّة» يشعر بهذا. و على هذا لا يحتاج نفوذ قضائه إلى الإذن.
و قال صاحب الجواهر رحمه الله بما محصّله: و لو أنّ عمومات الآيات و الروايات و إطلاقاتها، دلّت على مثل هذا و لكنّها تعارض الأدلّة التي تدلّ على أنّ القاضي لا بدّ و أن يكون مأذوناً من وليّ الأمر.[3] أقول: و فيه أنّ تلك الأدلّة إنّما هي مختصّة بالقاضي المنصوب الذي يعتبر جزءاً من الحكومة كما مرّ في بعض كلمات القوم، و أمّا قاضي التحكيم الذي لا ارتباط له بشئون الحكومة الحقّة في عهد إقامتها فلا تشمله الأدلّة. نعم يمكن الإشكال في دلالة تلك الآيات و الروايات لمشروعيّة القضاء بنحو التحكيم و لكن لا من الجهة التي بيّنها صاحب الجواهر رحمه الله، بل لأنّها وردت في مقام التشريع في أصل القضاء و ليست بصدد بيان خصوصيّاته و جهاته المختلفة، و قد مرّ الكلام فيه لكن في الروايات التي نقلناها و في الأدلّة الأخرى المنقّحة في المسألة غنى و كفاية.
المسألة الثانية: هل يجب اتّباع حكم قاضي التحكيم و العمل به كحكم القاضي المنصوب أم يجوز العدول عنه؟
لا إشكال في أنّه يجب العمل بحكمه و يكون حكمه كحكم القاضي المنصوب في