نظام المجتمع و المنع من الإخلال بالنظام و الوقاية من الوقوع في الهرج و المَرَج.
فلو كان نصب الولاة و العمّال، من مدنيّين و عسكريّين و المناصب الحكوميّة، من قضائيّة و إداريّة، تتمّ بطريقة النصب العامّ و لم تكن هناك تنظيمات أو سلطات خاصّة مسئولة عن ذلك لَما بقي هناك نظام يمكن حفظه و لانتشرت الفوضى و عمّ الفساد كلّ مكان.
إذن، فلا يجوز لأحد أن يتمسّك بإطلاق الأدلّة و يجلس على دكّة القضاء بمجرّد أن يجد من نفسه القابليّة على امتثال شرائط القضاء و يعمد إلى ممارسة الحكم بين الناس.
و الحاصل أنّ السلطات القضائيّة لا تختلف عن غيرها من المناصب الحكوميّة و السلطات التنفيذيّة في هذه الحكمة التي ذكرناها فكما أنّ رئيس الجمهوريّة و رئيس الوزراء و المدراء العامّين و أمراء الجيش و قادته لا يمكن نصبهم بهذه الإجازات العامّة، فكذلك السلطات القضائيّة كما أنّ الأنبياء و أوصياءهم يُنصبون من جانب اللَّه عزّ و جلّ بالنصب الخاصّ و التعيين لأشخاصهم، لا بالإجازة العامّة، فتأمّل.
و على ذلك، إنّ الإجازات العامّة تختصّ بتلك الأزمنة و العهود التي كانت أو تكون السلطة فيها بأيدي الطواغيت و أئمّة الكفر و الشرك و النفاق، و الأئمّة عليهم السلام و نوّابهم معزولين عن مباشرة الحكم سواء أ كان الإمام حاضراً أم غائباً.
و هذا هو الأمر الذي كان يلجئ المعصومين إلى نصب بعض القضاة ممّن ينوبون عنهم، على نحو العموم، و ذلك لغرض إحقاق الحقوق لأشخاص معيّنين و لاتّباع الحقّ و ليحكموا بطريق الحقّ و العدل. و لمّا كان تحقيق هذا الغرض لا يحتاج إلى تنظيمات و مسئوليّات عظمى؛ فمن الممكن حينئذٍ نصب بعض الأفراد عن طريق بيان أوصاف القاضي و علاماته.
و من أراد أن يشكّك في هذا الكلام فلا بدّ إمّا أن ينفي لزوم النظم و التنظيمات في إدارة شئون الدولة، أو أن ينفي وجود الدولة الحقّة في زمن الغيبة بيد نوّاب الإمام عليه السلام، و إلّا فلا مجال للتردّد فيما ذكرناه.
و لو قال أحد: إنّنا نقبل أن يكون تشكيل الدولة الحقّة في زمن الغيبة بأيدي نوّابه عليه السلام