و لأجل عدم ذهاب معظم فقهاء السنّة إلى حجّيّة علم القاضي، و لإهمال فقهائنا عن ذكر هذا الطريق، نشأت أقاويل في طريق إثبات جريمة الشرب، و أطال الفقهاء البحث عن إثباتها ببعض الأمور، مثل النكهة و الرائحة و القيء و السكر.
و بالجدير أن نشير هنا إلى مجمل كلّ واحد منها حتّى يتبيّن ما يلزم أن نلفت النظر إليه.
أ- طريقيّة السكر لثبوت الحدّ
قال الشيخ المفيد رحمه الله: «و سكره بيّنة عليه بشرب المحظور، و لا يرتقب بذلك إقرار منه في حال صحوه به، و لا شهادة من غيره عليه.»[1]
و قال العلّامة رحمه الله في نقد هذا الكلام: «و لا بأس بذلك، لورود الحدّ مع القيء، فكذا مع السكر. و الأقرب المنع، لاحتمال استناد السكر إلى غير الشرب الاختياريّ.»[2]
و استشكل بمثل الإشكال المذكور في كلام العلّامة صاحب الجواهر رحمه الله[3] أيضاً.
و الشيخ الطوسيّ رحمه الله بعد ذكر حجّيّة الإقرار و البيّنة في ثبوت الشرب قال: «فأمّا إن لم يثبت شيء من هذا لكنّه وجد و هو سكران أو تقيّأ خمراً أو شمّ منه رائحة الخمر، فلا حدّ عليه عندهم، و عندنا إذا تقيّأ ذلك أقيم عليه الحدّ به ...»[4]
و يظهر من كلام ابن حمزة رحمه الله ثبوت الحدّ على من أخذ سكران أو شهد عليه الشاهدان بأنّهما رأياه كذلك.[5]
و قال أبو الصلاح الحلبيّ رحمه الله: «يجب على من أقرّ مرّتين أو قامت البيّنة عليه بشاهدين،