بشرب قليل المسكر و إن اختلفت أجناس ما يعتصر منه، صرفاً أو مختلطاً بماء أو دواء أو بغيرهما، أو بقيئه أو حصول السكر منه، أن يجلد ثمانين جلدة.»[1]
أقول: إنّ ثبوت جريمة الشرب بمثل هذا الأمر و نظائره تعبّداً ممّا لا إشكال في ضعفه، و لكن لو كان هذا موجباً للعلم العاديّ و الاطمئنان للقاضي، فلا ينبغي الارتياب فيه.
و الإنصاف أنّ ما ذكره الشيخ المفيد رحمه الله موافق للطبع و عمل الناس، و لا يعتني العقلاء في أمورهم بما ذكره العلّامة و صاحب الجواهر رحمهما الله من الأعذار، مثل الاشتباه، و الجهل، و الإكراه، و الاضطرار، و التداوي إلّا أن يكون في البين قرائن و أمارات تؤيّدها، فهي حينئذٍ تمنع من حصول العلم للقاضي، و بالتالي إذا فقد العلم فقد فقدت الحجّة.
و لعلّه من هذا الباب فعل أمير المؤمنين عليه السلام مع الشارب في ما نقله السكونيّ في حديث معتبر عندنا سنداً، عن جعفر، عن أبيه، عن عليّ عليهم السلام: «أنّه أتي بشارب الخمر و استقرأه القرآن فقرأ، فأخذ رداءه فألقاه مع أردية الناس، و قال له: خلّص رداءك، فلم يخلّصه فحدّه.»[2]
قال المحدّث المجلسيّ رحمه الله في شرح هذه الرواية: «قوله: و استقرأه القرآن، لعلّ ذلك لزيادة الاحتياط و التحقيق في شربه المسكر، لا لكون الحدّ موقوفاً على شربه حدّ السكر، و يمكن أن لا يكون ثبت بالشهود، فأراد عليه السلام أن يتبيّن بتلك العلامات، و الأوّل أظهر.»[3]
و أمّا ما استفاده المحدّث الحرّ العاملي رحمه الله من الرواية بما ذكره في عنوان الباب: «باب أنّه لا بدّ في ثبوت الحدّ على الشارب من انتفاء الجنون»[4] فبعيد جدّاً، و لا سيّما بملاحظة أنّ الإمام عليه السلام حدّ ذلك الرجل بعد عدم تخليصه الرداء.
[1]- الكافي في الفقه، ص 413- و راجع: المراسم العلويّة، ص 259- الجامع للشرائع، ص 557.
[2]- وسائل الشيعة، الباب 12 من أبواب حدّ المسكر، ح 1، ج 28، ص 237.