و قال عبد القادر عودة: «تثبت الجريمة بإقرار الجاني، و يكفي في الإقرار مرّة واحدة في المذاهب الأربعة، و إن كان أبو يوسف يرى أنّ كلّ إقرار يسقط بالرجوع فعدد الإقرار فيه كعدد الشهود. و يسري على الإقرار هنا ما يسري على الإقرار في الزنا ... و يشترط أبو حنيفة و أبو يوسف أن لا يكون الإقرار قد تقادم، فإذا كان قد تقادم لم يقبل من المقرّ، و حدّ التقادم عندهما هو ذهاب الرائحة، فمن أقرّ بشرب الخمر أو السكر بعد ذهاب الرائحة لم يقبل إقراره، و لكن محمّداً لا يرى بطلان الإقرار بالتقادم، لأنّ عدم القبول للتقادم سببه التهمة، و الإنسان لا يتّهم على نفسه، فإذا أقرّ أخذ بإقراره مهما مضى على الحادث.»[1]
الأمر الثاني: في الإثبات بالبيّنة
لا خلاف بين من تعرّض لطرق إثبات جريمة الشرب في أنّها تثبت بشاهدين عدلين، و دليله عمومات حجّيّة البيّنة، و خصوص بعض الأخبار الآتية، كخبر الحسين بن زيد[2].
و لا تثبت الجريمة بالعدل الواحد و اليمين، إذ مصبّهما في المال و حقوق الناس دون حقوق اللَّه تعالى كما نحن فيه.
و أمّا لزوم كون الشاهدين من الرجال و عدم ثبوتها بشهادة النساء و لو منضمّاً إلى رجل، فقد مرّ البحث عنه بنحو مبسوط في مبحث طرق إثبات اللواط و السحق، فراجع.[3]
[1]- التشريع الجنائيّ الإسلاميّ، ج 2، صص 510 و 511، الرقم 589- و راجع: بداية المجتهد و نهاية المقتصد، ج 2، ص 445- الأحكام السلطانيّة، ج 1، ص 269- الفقه على المذاهب الأربعة، ج 5، صص 14 و 27 و 28- الفقه الإسلاميّ و أدلّته، ج 6، ص 167.
[2]- وسائل الشيعة، الباب 14 من أبواب حدّ المسكر، ح 1، ج 28، ص 239.