قد تبيّن ممّا ذكرناه في مبحث اشتراط الإسلام في المقذوف أنّه لو قذف المسلم ذمّيّاً بالزنا أو اللواط، يؤدّب القاذف لأجل الأذى و لبذاءة اللسان، و لا يحدّ حدّ قاذف أهل الإسلام.
و أمّا لو قذف ذمّيّ ذمّيّاً بذلك و ترافعا إلى سلطان الإسلام فلم يتعرّض الماتن رحمه الله هنا لحكمه، و لكن ذهب الشيخان و ابن إدريس و جمع آخر رحمهم الله[1] إلى أنّه يؤدّب القاذف و لا يحدّ.
و يظهر هذا الحكم من كلام كلّ من ذكر في عداد شرائط المقذوف الإسلام، ثمّ ذكر أنّ من فقد بعض هذه الشرائط فلا حدّ بقذفه، بل على قاذفه التعزير، سواء كان قاذفه مسلماً أم كافراً.[2]
و لكن ذكر أبو الصلاح الحلبيّ رحمه الله أنّ على حاكم المسلمين إذا ترافعا إليه أن يجلده كما يجلد المسلم للمسلم.[3]
و لعلّه يظهر ذلك من كلام ابن حمزة رحمه الله أيضاً حيث قال: «كان للحاكم الخيار بين إقامة حدّ الإسلام عليه و بين ردّه إلى أهل نحلته ليحكموا عليه.»[4]
[1]- راجع: المقنعة، صص 797 و 798- النهاية، ص 725- الكافي في الفقه، ص 418- كتاب السرائر، ج 3، صص 520 و 530- المراسم العلويّة، ص 258- المهذّب، ج 2، ص 548- غنية النزوع، ص 435.
[2]- راجع: شرائع الإسلام، ج 4، ص 152- قواعد الأحكام، ج 3، ص 545.