ممّا لا يجوز على حال، كما نصّ على ذلك الشيخ الطوسيّ رحمه الله أيضاً[1].
و لا يرتفع الإشكال بما وجّهه المحدّث المجلسيّ رحمه الله في قوله: «يمكن أن يكون المراد بالسبّ المأمور به الشتم مجازاً، كقوله: يا حمار! و يا خنزير! و أمثالهما.»[2]
و قد نرى أنّه عليه السلام حين سمع قوماً من أصحابه يسبّون أهل الشام أيّام حربهم بصفّين تكلّم في أصحابه بقوله: «إنّي أكره لكم أن تكونوا سبّابين، و لكنّكم لو وصفتم أعمالهم، و ذكرتم حالهم، كان أصوب في القول، و أبلغ في العذر، و قلتم مكان سبّكم إيّاهم: اللهمّ احقن دماءنا و دماءهم، و أصلح ذات بيننا و بينهم، و اهدهم من ضلالتهم، حتّى يعرف الحقّ من جهله ...»[3]
هذا كلّه في ما إذا ترتّب على قذف كلّ واحد منهما الحدّ، و أمّا لو تقاذف اثنان و لم يكن قذف أحدهما موجباً للحدّ- مثل أن يكون أحد المقذوفين عبداً أو متجاهراً بالزنا مثلًا- فعليه الحدّ دون صاحبه و ذلك لعدم شمول الأخبار المذكورة لهذه الصورة. نعم قد يكون على الآخر التعزير في بعض الصور.
فرع: في اقتصاص المسبوب من السابّ
ثمّ إنّ تلك النصوص المذكورة في المسألة تدلّ على سقوط الحدّ عنهما إذا تقاذفا مع بقاء التعزير عليهما، و أمّا لو لم يصل الرمي إلى حدّ القذف، بل سبّ كلّ واحد مواجهه و شتمه، فليس على سقوط التعزير عنهما دليل مع كون فعلهما محرّماً، بل يشملهما إطلاق ما دلّ على تعزير السابّ.
و يؤيّد ذلك بما رواه أبو مخلد السرّاج، عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال: «قضى