لا خلاف و لا إشكال بين الفريقين[1] في أنّ القاذف يعاقب بعقوبتين إذا لم يكن في البين أحد المسقطات، أحدهما: بدنيّة و هي الجلد، و الثانية: ما ينال من شأنه و عرضه، و هي عدم قبول الشهادة، لأنّه صار بالقذف فاسقاً.
و عقوبة الجلد مقدارها ثمانون جلدة بنصّ الكتاب و السنّة المستفيضة و الإجماع[2] و إنّ أمرها- كما مرّ سابقاً- بيد المقذوف، فله الحقّ في العفو عنها و له المطالبة بها.
و الأصل في العقوبتين المذكورتين- مضافاً إلى الإجماع و النصوص الكثيرة المتفرّقة في أبواب كتاب القذف و الشهادات- قوله تعالى: «وَ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً وَ لا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهادَةً أَبَداً وَ أُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ* إِلَّا الَّذِينَ تابُوا مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَ أَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ»[3].
أجل، لو تاب و كذّب نفسه إجهاراً عند الإمام و عند المسلمين فعلى الإمام أن يقبل
[1]- راجع: مسالك الأفهام، ج 14، ص 173- جواهر الكلام، ج 41، صص 37 و 429- التشريع الجنائيّ الإسلاميّ، ج 2، ص 491.