و أيضاً- كما ذكرنا في مطاوي بعض أبحاثنا السابقة- لا يخفى أنّ الكلام هنا في ما إذا أراد القائل رمي الجماعة بالزنا أو اللواط، و أمّا إذا ذكر الكلام المذكور على سبيل السبّ و الشتم و كان الكلام أو المقام محفوفاً بالقرائن الدالّة على عدم قصده القذف، كما أنّ الأمر اليوم كثيراً ما يكون كذلك، فلا يتطرّق إليه ما مرّ من الأبحاث، و لا يحدّ القائل بل يعزّر، لإهانته و إيذائه المسلم، و لسدّ الشتم.
فرع: في سبّ الجماعة
قد مرّ سابقاً أنّ كلّ تعريض بما يكرهه المواجه إذا لم يوضع للقذف لغة و لا عرفاً يثبت به التعزير لا الحدّ، و هنا نقول: لا فرق بين أن يكون المواجه فرداً من الأفراد، أو جماعة من الناس، فمن يسبّ بغير استحقاق صنفاً من الناس أو طائفة منهم أو أهل بلد خاصّ، أو يرميهم بغير الزنا و اللواط من سائر الفواحش و المحرّمات، أو يُهينهم و يستخفّهم و يؤذيهم بالقول، فعليه التعزير بما يراه الحاكم، فهو يؤدّب سابّ الجماعة بما يراه صلاحاً في ذلك، كما أنّه يعزّر من يسبّ واحداً من الناس بحسب المصلحة.
ثمّ إنّه صرّح جماعة من الفقهاء، منهم المفيد، و سلّار، و أبو الصلاح الحلبيّ، و العلّامة، و الشهيدان رحمهم الله[1] بأنّ سبّ الجماعة حكمه حكم قذفهم، بمعنى أنّه إن جاءوا به مجتمعين عزّر لجماعتهم بتعزير واحد، و إن جاءوا به متفرّقين عزّر لكلّ واحد منهم تعزيراً على حدته.
هذا في ما إذا قذفهم بلفظ متّحد. و أمّا إذا قذفهم بألفاظ متعدّدة فيعزّر متعدّداً مطلقاً.
[1]- المقنعة، ص 797- المراسم العلويّة، ص 258- الكافي في الفقه، ص 419- قواعد الأحكام، ج 3، ص 546- تحرير الأحكام، ج 2، صص 238 و 239.