و استدلّ لذلك أيضاً بقوله تعالى: «وَ لا تَأْخُذْكُمْ بِهِما رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ»[1]، بتقريب أنّ الضرب الضعيف رأفة، فيكون منهيّاً عنه.
قال الطبرسي رحمه الله: «معناه: إن كنتم تصدّقون باللَّه و تقرّون بالبعث و النشور، فلا تأخذكم بهما رحمة تمنعكم من إقامة الحدود عليهما فتعطّلوا الحدود؛ عن عطاء و مجاهد. و قيل:
معناه لا تأخذكم بهما رأفة تمنع من الجلد الشديد، بل أوجعوهما ضرباً، و لا تخفّفوا كما يخفّف في حدّ الشارب؛ عن الحسن، و قتادة، و سعيد بن المسيّب، و النخعيّ، و الزهريّ.»[2] و استدلّ للقول الآخر بما رواه حريز عمّن أخبره، عن أبي جعفر عليه السلام أنّه قال: «يفرّق الحدّ على الجسد كلّه، و يتّقى الفرج و الوجه، و يضرب بين الضربين.»[3] و الرواية، مضافاً إلى إرسالها، معرض عنها عند الأصحاب، و لذا حملها صاحب الوسائل رحمه الله على غير حدّ الزنا.
و حملها المحقّق الأردبيلي رحمه الله[4] على ما إذا كان الزاني ضعيفاً لا يستطيع أشدّ الضرب، أو تقتضي المصلحة أن لا يضرب الضرب الشديد.
و على هذا فلا تقاوم تلك الأحاديث المتظافرة سنداً و المشهورة فتوى و عملًا.
و لا يخفى أنّ المراد من الشدّة ما يصدق عليه ذلك عرفاً، لا ما يوجب القتل في أغلب الأوقات و لا يوجد أشدّ منه.
قال الشيخ الطوسي رحمه الله في هذا المجال: «و أمّا صفة الضرب، فإنّه ضرب بين ضربين، لا شديداً فيقتل، و لا ضعيفاً فلا يردع، و لا يرفع له باعه[5] فينزل من عل[6]، و لا يخفض له