و أمّا نظريّة فقهاء السنّة، فقد نسب ابن رشد القرطبي إلى جميع فقهاءهم أنّه يستحبّ أن يحضر الإمام عند إقامة الحدود طائفة من الناس، لقوله تعالى: «وَ لْيَشْهَدْ عَذابَهُما طائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ»، ثمّ ذكر اختلافهم فيما يدلّ عليه اسم الطائفة، فقال مالك: أربعة، و قيل: ثلاثة، و قيل: اثنان، و قيل: سبعة، و قيل: ما فوقها.[1] و ذكر الدكتور وهبة الزحيلي أنّه قال الحنفيّة و الحنابلة: ينبغي أن تقام الحدود كلّها في ملأ من الناس لقوله تعالى ... و لأنّ المقصود من الحدّ هو زجر الناس. و قال الشافعيّة و المالكيّة: يستحبّ حضور جماعة و أن يكونوا أربعة على الأقلّ[2].
و ذهب ابن قدامة الكبير إلى وجوب حضور الحدّ طائفة من المؤمنين، ثمّ ذكر اختلاف فقهاءهم في لفظ الطائفة، فراجع.[3] و ذكر عبد القادر عودة أنّه يجب أن يقام الحدّ علانية، إلّا أنّه فصّل بين ما كان الحدّ رجماً و ما كان جلداً، فقال: إنّه تتوفّر العلانية دائماً في الرجم، إذ المفروض أنّ عدد الرمات غير محدود، و أنّه يجب أن يكونوا من الكثرة بحدّ يحصل بهم موت المرجوم بسرعة. و أمّا في الجلد فيكفي في إقامة الحدّ شخص واحد، و لذلك اختلف في عدد من يحضر الجلد، ففسّر البعض كلمة طائفة بأنّها شخص واحد و مقيم الحدّ، و قال البعض: إنّها شخصان غير مقيم الحدّ، و قال البعض: إنّها أربعة، و قال البعض: إنّها عشرة.[4]