الحدود في الخفاء و بلا أيّ شاهد، ذريعة لإنساء الحدود، و أيضاً أنّ الإخفاء يجعل الحاكم و من يقيم الحدّ في معرض الاتّهام، بتعذيب المجرم و عقوبته زائداً على ما قرّره الشارع، أو بالمصانعة مع المرتكب للجريمة أو أخذ الرشوة منه و تخفيف المجازاة عنه.
و على هذا المبنى فاللازم حضور جمع من المؤمنين يحصل من قولهم الوثوق و الاطمئنان بإقامة الحدّ طبقاً لنصوص الشريعة.
د- أن يحضر جماعة من المؤمنين عند إقامة الحدّ لينظروا إلى ذلك و يعتبروا بذلك حتّى لا يقتربوا الفاحشة؛ ذكر ذلك السيّد الأستاذ الطباطبائي رحمه الله في تفسيره، و صاحب تفسير التحرير[1]. و يترتّب على ذلك لزوم حضور أكثر من أمثال واحد و اثنين حتّى يحصل ما يهدفه الشارع.
و لعلّه لذلك نادى في الناس أمير المؤمنين عليه السلام: «يا معشر المسلمين! اخرجوا ليقام على هذا الرجل الحدّ»، و كذا ما شابهه من الروايات[2].
و روى في المستدرك عن الدعائم عن أمير المؤمنين عليه السلام أنّه لمّا رجم سراجة الهمدانيّة، كثر الناس، فأغلق أبواب الرحبة، ثمّ أخرجها، فأدخلت حفرتها، فرجمت حتّى ماتت، ثمّ أمر بفتح أبواب الرحبة، فدخل الناس.[3] ه- إنّ المقصود من الحضور هو الدعاء للزاني و الزانية بالتوبة و الرحمة؛ ذكره القرطبي في تفسيره[4] و عدّه أحد القولين في المسألة، و القول الآخر يرجع إلى ما ذكرناه في الوجه الأوّل و الثاني و الرابع.
و للمسألة تتمّة تأتي في ذيل الأمر السادس إن شاء اللَّه.
[1]- الميزان في تفسير القرآن، ج 15، ص 79- تفسير التحرير و التنوير، ج 18، ص 151.
[2]- راجع: وسائل الشيعة، الباب 31 من أبواب حدّ الزنا، ج 28، صص 53- 56.
[3]- مستدرك الوسائل، الباب 12 من أبواب حدّ الزنا، ح 3، ج 18، ص 52.