مرّتين، فوق العقوبة التي تلائم السرقة، و ذلك قول الرسول: «و من خرج بشيء فعليه غرامة مثليه و العقوبة». و من ذلك: عقوبة كاتم الضالّة، فإنّ عليه غرامتها و مثلها معها؛ و من ذلك: تعزير مانع الزكاة بأخذ شطر ماله. و لكنّ الفقهاء بالرغم من هذا اختلفوا فيما إذا كان من الجائز جعل الغرامة عقوبة عامّة، يمكن الحكم بها في كلّ جريمة، فرأى البعض أنّ الغرامة الماليّة يصحّ أن تكون عقوبة تعزيريّة عامّة، و رأى البعض أنّه لا يصحّ أن تكون الغرامة عقوبة عامّة.»[1] و قد مرّ آنفاً كلام ابن قدامة الحنبلي في هذا المجال.
ثمّ إنّ معنى التعزير المالي أعمّ من إمساك الحاكم شيئاً من مال المرتكب للجرم مدّة، لينزجر عمّا اقترفه، ثمّ يعيده إليه، و من مصادرة أموالهم لبيت المال أو إتلافها على أربابهم.
و أمّا أخذ الحاكم إيّاها لنفسه فلا يجوز، و روي عن أبي يوسف من العامّة[2] أنّه ذكر عدم جواز الأخذ لبيت المال، بل يمسكه الحاكم عنه ثمّ يعيده إليه إذا تاب.
و مورد هذا القسم من التعزير هو الجرائم المرتبطة بالأموال غالباً، مثل الاحتكار و التطفيف و تهريب السلع و التحف و العملة و المخدّرات و النصب الأثريّة.
و الذين يعترضون على الغرامة الماليّة يحتجّون بأمور[3]:
الأوّل: أنّ الغرامة الماليّة كانت مقرّرة في عهد الرسول و نسخت.
و فيه: أنّه ليس على النسخ دليل، بل الدليل على خلافه كما سيأتي في أخبار الباب.
الثاني: أنّها غير صالحة لأن تكون وسيلة من وسائل محاربة الجرائم.
و فيه: أنّ الغرض ردع فاعل المنكر، و ربما يكون التعزير المالي أوفى بالمقصود و أردع و أصلح له و للمجتمع.
و يؤيّده استقرار سيرة العقلاء في الأعصار المختلفة على التغريم المالي في كثير من