اللهمّ إلّا أن يقال: المراد وقوع اللحاق قبل إقامة الحدّ، فالحديث يعمّ كلا أقسام الحدّ.
ثمّ إنّ المحقّق الخوئي رحمه الله قيّد إطلاق الرواية الأولى بالثانية، و بالتالي ذهب إلى أنّه لا تجوز إقامة الحدّ على أحد في أرض العدوّ إذا خيف أن تأخذه الحميّة و يلحق بالعدوّ.[1] و هذا يعطي أنّ ذيل الرواية، أعني قوله عليه السلام: «مخافة أن تحمله ...» يكون في نظره علّة للحكم، و الأظهر كما ذكره المحقّق الخونساري رحمه الله[2] أنّه يكون من باب الحكمة، و يؤيّد ذلك أنّ المطلق لا بدّ من بقاء الغالب فيه بعد التقييد، لا الأقلّ و لا المساوي.
3- ما رواه في المستدرك عن دعائم الإسلام، عن أمير المؤمنين عليه السلام، أنّه قال في قوم امتنعوا بأرض العدوّ و سألوا أن يعطوا عهداً لا يطالبون بشيء ممّا عليهم: «لا ينبغي ذلك، لأنّ الجهاد في سبيل اللَّه إنّما وضع لإقامة حدود اللَّه و ردّ المظالم إلى أهلها، و لكن إذا غزا الجند أرض العدوّ فأصابوا حدّاً، استؤنى[3] بهم إلى أن يخرجوا من أرض العدوّ، فيقام عليهم الحدّ؛ لئلّا تحملهم الحميّة على أن يلحقوا بأرض العدوّ.»[4] و الحديث مرسل.
أقول: هناك احتمال آخر لعدم إقامة الحدّ في أرض العدوّ، و هو لئلّا يحصل إخلال و فوضى من قبل المسلمين أنفسهم فيما بينهم.
و ذكر المقداد بن عبد اللَّه السيوري رحمه الله في تفسير قوله تعالى: «وَ لْيَشْهَدْ عَذابَهُما طائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ»[5] وجهاً آخر لذلك، حيث قال: «و قيّد الطائفة بالمؤمنين لئلّا يكون إقامة