و بما قلناه يظهر ما في كلام المحقّق الأردبيلي رحمه الله، فهو بعد أن استشكل في روايات الطائفة الثالثة سنداً و دلالة قال: «و أيضاً ما يدلّ على فعله صلى الله عليه و آله و سلم و فعل أمير المؤمنين عليه السلام على ما نقل أنّهم رجموا و أمروا برجم من أقرّ عندهم أربع مرّات، مثل فعله صلى الله عليه و آله و سلم مع رجل و ماعز، و فعله عليه السلام بامرأة مرّة و بأخرى أخرى و برجل و غير ذلك- و قد مرّ بعضها- فإنّها ظاهرة بل صريحة في عدم الجلد، بل الرجم فقط؛ فلا يبعد حمل ما ورد في الجلد و الرجم معاً على الجواز و الاستحباب لا الوجوب. فإنّ المتبادر من الأخبار التي فيها الرجم، أنّه فقط، و كذا المتبادر من أدلّة الجلد، أنّه فقط، خصوصاً مع المقابلة مثل: «أمّا المحصن فيرجم» و نحو ذلك. و لهذا قال المصنّف و من قال بالجمع بينهما على المحصن، بالقتل فقط في المكره، و الزاني بذات المحرم، و الذمّيّ إذا زنى بالمسلمة، لأنّه كان في دليلها القتل، و المتبادر منه أنّه لا غير.»[1] و أمّا العامّة فلم يفرّق جمهورهم بين عقوبة الشابّ المحصن و الشيخ المحصن، بل محطّ البحث في كتبهم هو جواز الجمع بين الجلد و الرجم على المحصن و عدمه.
فالمالكيّة و الشافعيّة و الحنفيّة قالوا: لا يجوز الجمع بين الجلد و الرجم على المحصن؛ لأنّ حدّ الرجم نسخ حدّ الجلد و رفعه، و لأنّ الحدّ الأصغر ينطوي تحت الحدّ الأكبر، و لا تحصل منه الفائدة المرجوّة، و هو الزجر و الإقلاع عن الذنب حيث إنّ الجاني سيموت.
و هذا قول الأوزاعي، و النخعي، و الزهري، و أبو ثور، و أبو إسحاق الجوزجاني، و أبو بكر الأثرم، و شمس الدين السرخسي.
و الحنابلة قالوا: إنّ المحصن يجلد في اليوم الأوّل ثمّ يرجم في اليوم الثاني. و بوجوب الجمع بينهما قال جماعة أخرى، منهم ابن عبّاس، و أُبيّ بن كعب، و أبو ذرّ، ذكر ذلك عبد العزيز عنهما و اختاره، و به قال الحسن البصري، و إسحاق، و داود، و ابن المنذر، و قالوا: