كتب أبو الحسن عليه السلام: يضرب حتّى يموت. فأنكر يحيى بن أكثم، و أنكر فقهاء العسكر ذلك، و قالوا: يا أمير المؤمنين! سله عن هذا فإنّه شيء لم ينطق به كتاب، و لم تجئ به السنّة.
فكتب: إنّ فقهاء المسلمين قد أنكروا هذا و قالوا: لم تجئ به سنّة و لم ينطق به كتاب، فبيّن لنا بما أوجبت عليه الضرب حتّى يموت؟ فكتب عليه السلام: بسم اللَّه الرحمن الرحيم «فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا قالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَ كَفَرْنا بِما كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ* فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا سُنَّتَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبادِهِ وَ خَسِرَ هُنالِكَ الْكافِرُونَ»[1]. قال: فأمر به المتوكّل فضرب حتّى مات.»[2] و الحديث مجهول ب: «جعفر بن رزق اللَّه»، إذ لم تثبت وثاقته، و لم يرد فيه مدح.
و المذكور فيه: «الضرب حتّى يموت»، و هذا غير القتل المذكور في فتاوى الأصحاب.
و المستفاد من الرواية بقرينة استنادها إلى الآية الشريفة، هو عدم إحراز الإسلام الواقعيّ في ذلك الحين، فلذلك لا يعبأ به، فلا يدلّ على عدم سقوط الحدّ عنه و إن كان إسلامه واقعيّاً و علمنا به من الدلائل و القرائن الخارجيّة. و كذلك الأمر بالنسبة إلى الموثّقة، لأنّا لا نطمئنّ أنّ الإمام عليه السلام كان في مقام البيان لهذه الجهة حتّى نتمسّك بإطلاق الرواية.
و ليس هذا اجتهاداً في قبال النصّ، بل استظهار من الرواية، و هو الحقّ أيضاً، و تؤيّده قاعدة درء الحدود بالشبهات، و حديث جبّ الإسلام ما قبله، و كونه مطابقاً للاحتياط المطلوب في الدماء. و ليس من مذهبنا قياس الإسلام بالتوبة في عدم سقوط الحدّ عن المسلم إذا تاب بعد ثبوت الزنا عليه بالبيّنة.
و بذلك يظهر سقوط القتل عنه أيضاً بطريق الأولويّة فيما إذا أسلم طوعاً قبل ثبوت الزنا عند الحاكم، كما احتمله في كشف اللثام، و مال إليه صاحب الجواهر رحمه الله[3]