الزنا أو السرقة، من غير المحاربين، ثمّ تاب قبل قيام البيّنة عليه بذلك، فإنّها بالتوبة تسقط. و للشافعي فيه قولان، أحدهما: مثل ما قلناه، و الثاني: لا تسقط. دليلنا: إجماع الفرقة على ذلك على ما قدّمناه و أخبارهم، و أيضاً قوله تعالى: «... فَمَنْ تابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَ أَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ»[1]، فأمر بقطع السارق قبل التوبة، ثمّ بيّن أنّ من تاب منهم و أصلح عمله، فإنّ اللَّه يغفر له، ثبت أنّه يسقط عنه. فإن قيل:
المراد غفران المأثم، قلنا: إنّ ما تقدّم ذكره هو القطع، فعادت الكناية إليه، و الثاني يحمل عليهما. و أيضاً أنّه شرط فيه إصلاح العمل، و المأثم تسقط بمجرّد التوبة، ثبت أنّ المراد به ما ذكرناه. و أيضاً روي عن النبي صلى الله عليه و آله و سلم أنّه قال: «الإسلام يجبّ ما قبله» و في بعضها:
«التوبة تجبّ ما قبلها». و روي: «أنّ رجلًا أتى إلى النبي صلى الله عليه و آله و سلم، فقال: إنّي أصبت حدّاً فأقمه عليّ. فقال: أ ليس قد توضّأت؟ قال: بلى. قال أ ليس قد صلّيت؟ قال: بلى. فقال: قد سقط عنك.».»[2] و قال أبو الصلاح الحلبي رحمه الله: «فإن تاب الزاني أو الزانية قبل قيام البيّنة عليه، و ظهرت توبته و حمدت طريقته، سقط عنه الحد.»[3] و مثله كلام ابن زهرة رحمه الله.[4] نعم، يظهر من المحقّق الخوئي رحمه الله النقاش في سقوط الحدّ بالتوبة قبل قيام البيّنة في الزنا و اللواط و السحق، حيث قال: «فالمشهور سقوط الحدّ عنه، و دليله غير ظاهر.»[5] و يمكن أن يستدلّ لذلك بالأمور التالية:
الأوّل: ذهاب الشهرة العظيمة إلى ذلك، بل لم نجد مخالفاً في ذلك، كما صرّح بذلك في