ابن إدريس إلحاق ما يوجب القتل بالرجم، لتعليله بأنّه يوجب تلف النفس، بخلاف الجلد.»[1] و المحصّل من جميع ذلك أنّه لو أقرّ بحدّ من حدود اللَّه ثمّ أظهر التوبة منها، فالإمام مخيّر بين عفوه و إقامة الحدّ عليه، حسب ما تقتضيه المصلحة للمقرّ و المجتمع.
بقي هنا مطلب و هو أنّه هل يكون الإمام و الحاكم قادراً على العفو عن الجريمة الحدّيّة، أو التعزيريّة، بنحو الإطلاق و متى أراد و شاء أم لا؟
و الجدير بأن نبحث عن كلّ واحد من الحدّ و التعزير مستقلًّا ضمن فرعين.
الفرع الأوّل: في عفو الإمام عن الحدّ
الظاهر من الروايات[2] و من كلمات الفقهاء، أنّ إقامة الحدود، واجبة لا يجوز تعطيلها، بل لا تجوز الشفاعة فيها[3].
نعم، ذكر فقهاءنا الإماميّة تخيير الإمام بين العفو و إقامة الحدّ في بعض الموارد؛ منها: ما بحثنا عنه آنفاً، أي فيما إذا أقرّ بحدّ ثمّ تاب، و منها: ما لو تاب بعد قيام البيّنة عليه، على مذهب المفيد و الحلبيّين، حيث ذهبوا إلى تخيير الإمام في العفو و عدمه، خلافاً للمشهور؛ و قد نقلنا كلامهم سابقاً.
و مقتضى صحيحة ضريس الكناسي الماضية، هو جواز عفوه عن الحدود التي للَّه عزّ و جلّ، بل عمّا كان من حقوق الناس أيضاً، و لكن من جهة الحقّ الذي للَّه عزّ و جلّ فيه،
[1]- الروضة البهيّة، ج 9، صص 139 و 140- و راجع: مسالك الأفهام، ج 14، ص 359.
[2]- راجع: وسائل الشيعة، الباب 1 من أبواب مقدّمات الحدود، ح 1 و 6، ج 28، صص 11 و 13- مستدرك الوسائل، الباب 1 من أبواب مقدّمات الحدود، ح 1 و 2 و 3 و 5 و 7 و 9، ج 18، صص 7- 9- سنن أبي داود، كتاب الحدود، باب العفو عن الحدود ما لم تبلغ السلطان، ج 4، ص 133، الرقم 4376.
[3]- وسائل الشيعة، الباب 20 من أبواب مقدّمات الحدود، ج 28، صص 42- 44.