تائباً إلى اللَّه عزّ و جلّ، و ردّ سرقته على صاحبها، فلا قطع عليه.»[1] و هذه الرواية، و إن وردت في السرقة، إلّا أنّه يمكن أن يقال: إنّه ليس للسرقة خصوصيّة هنا، بل الحكم يشمل كلّ حدّ.
نعم، يدلّ الحديث على أنّه يسقط الحدّ بالتوبة، و ليس فيه دلالة على تخيير الإمام في العفو عنه و عدمه، و الظاهر منه أنّه لم تثبت عليه السرقة قبل مجيئه.
5- حسنة مالك بن عطيّة عن أبي عبد اللَّه عليه السلام: «في رجل جاء إلى أمير المؤمنين عليه السلام تائباً، و قد أوقب على غلام و أقرّ عنده أربعاً، و اختار الإحراق بالنار، ثمّ دخل الحفيرة، و هو يرى النار تتأجّج حوله، فبكى أمير المؤمنين عليه السلام و بكى أصحابه جميعاً، فقال أمير المؤمنين عليه السلام: قم يا هذا! فقد أبكيت ملائكة السماء و ملائكة الأرض، فإنّ اللَّه قد تاب عليك ...»[2] و الرواية و إن وردت في حدّ اللواط، إلّا أنّه يمكن استفادة العموم منها، و لكن تدلّ على سقوط الحدّ بعد التوبة، لا اختيار الإمام بين العفو و الإجراء.
و أمّا التفصيل الذي مرّ عن ابن إدريس رحمه الله، من جواز العفو عن الرجم دون الجلد، فليس له دليل، و ادّعاءه الإجماع في الرجم دون الجلد شيء غريب، إذ ما وجد مخالف في المسألة- أعني جواز العفو في الجلد- غير ابن إدريس نفسه.
قال العلّامة رحمه الله في ردّ مقالة ابن إدريس رحمه الله: «و الوجه ما قاله الشيخ. لنا: أنّ المقتضي لإسقاط الرجم عنه اعترافه بالذنب، و هو موجود في الجلد، لأنّه إحدى العقوبتين، و لأنّ التوبة تُسقط تحتّم أشدّ العقوبتين، فإسقاطها لتحتّم الأخرى الأضعف أولى.»[3] و استشكل عليه بمثل ذلك الشهيد الثاني رحمه الله أيضاً، ثمّ قال: «و ينبغي على قول
[1]- الكافي، ج 7، ح 8، ص 220- وسائل الشيعة، الباب 16 من أبواب مقدّمات الحدود، ح 1، ج 28، ص 36.
[2]- وسائل الشيعة، الباب 5 من أبواب مقدّمات الحدود، ح 1، ج 28، صص 161 و 162.