و يمكن الاستدلال على ثبوت حدّ القذف بالأمور التالية:
أ- إنّه قذف صريح، لأنّه رمى المرأة غير المشهورة بالزنا، و إنّ وجوب حدّ القذف شرّع ليمنع الناس عن الفحش، و هذا فحش، و إيجاب القذف الحدّ لا يتوقّف على تعدّد الإقرار، بل بمجرّد الإقرار الواحد يقام عليه حدّ القذف؛ استدلّ به جمع من الفقهاء في مقام بيان وجه قول المثبتين[1].
ب- إنّ لإطلاق كلام المقرّ ظهوراً في الرمي بالزنا المحرّم؛ إذ ليس في البين إلّا احتمال الإكراه أو الشبهة، و هو منفيّ بالأصل؛ فلا يتسامح في هتك عرض مسلمة باحتمال بعيد، بل يثبت الحدّ. نعم، لو فسّره بما يوجب انتفاء الحدّ عن المرأة التي نسب الزنا إليها، كالإكراه أو الشبهة، يندفع عنه الحدّ و وجب التعزير؛ ذكر هذا الوجه الشهيد الثاني رحمه الله.[2] و فيه، أوّلًا: أنّ الظهور المذكور ظهور ابتدائيّ يزول بأدنى تأمّل، و ثانياً: أنّ الأصل لا يحقّق موضوع القذف، بعد عدم دلالة اللفظ.
ج- معتبرة السكوني عن جعفر، عن أبيه، عن عليّ عليهم السلام، قال: «إذا سألت الفاجرة من فجر بك؟ فقالت: فلان، جلدتها مرّتين، حدّاً للفجور، و حدّاً لفريتها على الرجل المسلم.»[3] و قد جعل الشيخ محمّد حسن النجفي رحمه الله[4] هذه الرواية، و رواية أخرى عن السكوني[5] مؤيّدة على ثبوت الحدّ هنا.
و فيه: أنّه يمكن أن يقال: إنّ الرواية المذكورة واردة في الفجور، و هو الزنا المحرّم،
[1]- راجع: الروضة البهيّة، ج 9، ص 46- مجمع الفائدة و البرهان، ج 13، ص 30.