إحدى حجّتي الزنا كالبيّنة، و كما أنّ البيّنة تكون في مجلس واحد فكذلك الإقرار.[1]
الفرع الثاني: في الإقرار دون الأربع
قد اتّضح ممّا قلناه سابقاً، عدم جواز إجراء الحدّ، جلداً كان أو رجماً، إذا لم يتكرّر الإقرار أربعاً، و إنّما الكلام هنا في وجوب التعزير و عدمه إذا أقرّ بما دون العدد. فذهب الشيخان، و ابن البرّاج، و ابن إدريس، و العلّامة رحمهم الله في القواعد و الإرشاد، إلى ثبوت التعزير حسب ما يراه الإمام، و مال إليه الشيخ محمّد حسن النجفي رحمه الله[2] أيضاً.
قال المفيد رحمه الله: «و إن أقرّ مرّة أو مرّتين أو ثلاثاً لم يجب عليه حدّ بهذا الإقرار، و للإمام أن يؤدّبه بإقراره على نفسه حسب ما يراه.»[3] أقول: غاية ما يمكن أن يستدلّ به لثبوت التعزير أمران:
الأوّل: إنّ الإقرار بالفاحشة حرام، لأنّه موجب لإشاعة الفاحشة و هو حرام بالنصّ.
و لقد أجاد المحقّق الأردبيلي رحمه الله فيما أفاد، حيث استشكل في ذلك كبرويّاً- يعني وجوب التعزير في كلّ محرّم- و صغرويّاً بقوله: «و الكبرى ما نعرفها، بل الصغرى أيضاً، فإنّ الحرام موجب التشنيع، و ذلك هنا غير معلوم، بل يريد عبادة اللَّه، و طهارة نفسه، و يظهر الزنا لذلك لا أنّه يحبّ الفاحشة و إظهارها.»[4] الثاني: عموم ما دلّ على الأخذ بالإقرار، المقتصر في الخروج عنه على الحدّ،
[1]- راجع: المغني و يليه الشرح الكبير، ج 10، ص 167- بداية المجتهد، ج 2، ص 439- المبسوط للسرخسي، ج 9، صص 92 و 93- الفقه على المذاهب الأربعة، ج 5، صص 83- 85- الفقه الإسلاميّ و أدلّته، ج 6، ص 54.
[2]- النهاية، ص 689- المهذّب، ج 2، ص 524- كتاب السرائر، ج 3، ص 429- إرشاد الأذهان، ج 2، ص 171- قواعد الأحكام، ج 3، ص 523- جواهر الكلام، ج 41، ص 282.