و ظاهر كلام بعض الفقهاء[1] إرادة معنىً يشمل الاحتمال الثاني أيضاً مضافاً إلى المعنى الأوّل، حيث ذكر في عداد أدلّة اشتراط تعدّد المجالس، إقرار ماعز بن مالك في أربعة مواضع، و معلوم أنّه لم يخرج من مكان الإقرار قطّ، بل أعرض عنه النبي صلى الله عليه و آله و سلم عند إقراره، فجاء ماعز من شقّه الأيمن و أقرّ ثانياً بالزنا.
و لعلّ المطلوب من اشتراط تعدّد المجالس عند قائليه، هو نفي الإقرارات التي تقع دفعة و من دون إمهال بينها- نظير ما يقول به بعض العامّة في وقوع الطلاق ثلاثاً- و على هذا فالمطلوب يحصل بأيّ طريق صدق في العرف أنّه اعترف أربع مرّات، و لو بخروج الحاكم عن مكان الإقرار، أو الفصل المعتدّ به بين الإقرارات.
ثمّ لا يخفى أنّه لا فرق في الشرائط المذكورة- أعني: البلوغ، و الاختيار، و الحرّيّة، و تكرار الإقرار- بين إقرار الرجل و المرأة كما نبّه عليه الماتن رحمه الله، و صرّح به العلّامة رحمه الله أيضاً[2]، و ذلك أمر واضح. و أيضاً الحكم على المرأة إذا زنت كالحكم على الرجل سواء، متى أقرّت أربع مرّات بالزنا، أو شهد عليها أربعة رجال عدول، جلداً كان أو رجماً، و ذلك لإطلاق الأدلّة، كما ذكره جمع منهم الشيخ المفيد رحمه الله[3].
و أمّا العامّة فقد وقع الخلاف بين من اعتبر العدد في الإقرار من فقهاءهم، في لزوم كونه في مجالس متفرّقة و عدمه، فذهبت الحنفيّة إلى اشتراطه؛ لأنّ ماعزاً أقرّ في أربعة مجالس.
و قال سائرهم: يكفي أن يكون الإقرار في مجلس واحد؛ منهم ابن قدامة الكبير قائلًا: إنّ الحديث الصحيح إنّما يدلّ على أنّ ماعزاً أقرّ أربعاً في مجلس واحد، و أيضاً أنّ الإقرار