أجل، ألغى الشارع اعتباره في الحرام بقوله: «شرّ الكسب مهر البغيّ»[1] أو «السحت ثمن الميتة ... و مهر البغيّ»[2].
ثمّ إنّ المسألة عند فقهاء العامّة خلافيّة؛ فقد ذهب مالك و الشافعي و أحمد في أحد قوليه إلى ثبوت المهر للمستكرهة، و قال أبو حنيفة: لا يجب المهر لأنّه وطء يتعلّق به وجوب الحدّ، فلم يجب به المهر كما لو طاوعته. و روي عن أحمد رواية أخرى أنّ الثيّب لا مهر لها و إن أكرهت، و هو اختيار أبي بكر.[3]
الأمر الخامس: في عدم ثبوت الحدّ مع الاضطرار
إنّ حالة الضرورة تختلف عن حالة الإكراه في سبب الفعل، حيث إنّ في الإكراه يدفع المكرَه إلى إتيان الفعل شخص آخر، و يجبره على إتيانه، و أمّا في حالة الضرورة إنّما يرتكب الفاعل الفعل المحرّم في مخمصة يقتضي الخروج عنها ارتكاب ذلك الفعل لينجي نفسه أو غيره من الهلكة، كما في الجوع الشديد أو العطش الشديد؛ فإنّ الجائع أو العطشان قد يندفع تحت تأثير الجوع أو العطش إلى سرقة ما يسدّ رمقه، أو يطفي عطشه، كما قد يندفع إلى تناول طعام أو شراب محرّم.
قال الراغب الأصفهاني: «الاضطرار: حمل الإنسان على ما يضرّه، و هو في التعارف حمله على أمر يكرهه. و ذلك على ضربين، أحدهما: اضطرار بسبب خارج، كمن يُضرب أو يُهدّد حتّى يفعل منقاداً، و يُؤخذ قهراً فيُحمل على ذلك؛ كما قال: «ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلى
[1]- سنن النسائي، باب النهي عن ثمن الكلب، ج 7، ص 190.