الثالث: إطلاق صحيحة محمّد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام، قال: «سألته متى يجب الغسل على الرجل و المرأة؟ فقال: إذا أدخله فقد وجب الغسل و المهر و الرجم.»[1] و لكن استشكل في ذلك المحقّق الخونساري رحمه الله بقوله: «و الإطلاق مشكل، أ لا ترى أنّ الإدخال مع عدم غيبوبة الحشفة لا يكفي، و إن كان كافياً في صدق لواط الغلام، الموجب لحرمة الأمّ و الأخت، بل لا يبعد الانصراف إلى القبل، و الشاهد أنّه مع رمي البكر بالزنا تلاحظ البكر، فمع بقاء البكارة يشهدان ببراءتها. هذا مضافاً إلى الإشكال في تعيين الموضوع بالخبر الواحد.»[2] نعم، مع عدم تماميّة هذه الأمور فالأصل و الاحتياط يقتضيان عدم ترتّب حكم الزنا و لا حكم اللواط، بل يثبت التعزير، لأنّه من مصاديق قاعدة الشبهات الدارئة، إذ لا دليل على اختصاصها بالشبهة الموضوعيّة فقط.
و أمّا نظريّة فقهاء العامّة فقال ابن قدامة الحنبلي: «و الوطء في الدبر مثله في كونه زناً؛ لأنّه وطء في فرج امرأة لا ملك له فيها و لا شبهة ملك، فكان زناً كالوطئ في القبل، و لأنّ اللَّه تعالى قال: «وَ اللَّاتِي يَأْتِينَ الْفاحِشَةَ مِنْ نِسائِكُمْ»[3] الآية، ثمّ بيّن النبيّ صلى الله عليه و آله و سلم أنّه قد جعل اللَّه لهنّ سبيلًا؛ البكر بالبكر جلد مائة و تغريب عامّ، و الوطء في الدبر فاحشة بقوله تعالى في قوم لوط: «أَ تَأْتُونَ الْفاحِشَةَ»[4]* يعني الوطء في أدبار الرجال. و يقال:
أوّل ما بدأ قوم لوط بوطء النساء في أدبارهن، ثمّ صاروا إلى ذلك في الرجال.»[5] و قال أيضاً في كتابه الآخر: «... و سواء كان الفرج قبلًا أو دبراً؛ لأنّ الدبر فرج مغصوب،
[1]- وسائل الشيعة، الباب 6 من أبواب الجنابة، ح 1، ج 2، صص 182 و 183.