و بعبارة اخرى: إنّ المراد بهذه الآية و أشباهها- و لو بالقرائن العقلائيّة، و فهم العرف هو أنّ ما كان للميّت حال الحياة، يكون لوارثه بعد موته، فالموت ليس سبباً لسلب الحقّ و إعدامه، بل سبب لنقله إلى الورثة، فيصدق «أنّ الميّت ترك لوارثه ما كان له» لا «أنّه ترك المال بلا إضافة، ثمّ أُضيف إلى الوارث» فإنّه مخالف للضرورة.
فالحقوق كالأعيان المملوكة، تنتقل بنفس الموت، و تكون من متروكات الميّت، بل لها بقاء و إن تبادلت الإضافات، و لا تصير معدومة في حال.
و الشاهد على ذلك بعد عرفيّة المسألة، و عدم اختصاص الإرث عند العرف بالأعيان، بل يكون ثابتاً في مثل حقّ التحجير و سائر الحقوق، إلّا ما دلّ الدليل على خلافه النبوي المعروف الذي يقال فيه: إنّه مجبور بعمل الأصحاب [1]، حيث نصّ فيه على أنّ الحقّ ممّا ترك، فلا بدّ و أن لا يكون المراد من ما ترك ما بقي بعد الموت و له وجود بقائي مع عدم الإضافة.
بل يكون المراد منه: أنّ ما للميّت من الحقّ، فهو لوارثه عند انقطاع إضافته عنه، و هو عبارة أُخرى عن نقل ما للميّت إلى الورثة.
و على ما ذكرناه، فالآية دالّة بإطلاقها على أنّ كلّ ما للميّت مورّث، فعدم التوريث في بعض الحقوق، محتاج إلى الإثبات، لا أنّ الاستدلال بالآية، محتاج إلى إثبات كون شيء حقّا و قابلًا للنقل [2]، ففي موارد الشكّ في كون شيء حقّا، يستدلّ بالآية على كونه حقّا؛ لأنّه مورّث.