نعم يبقى سؤال، و هو ما وجه عدم ذكر بعض الكبائر التي دلّ الكتاب على كونه كبيرة، كالميسر الذي فيه إثم كبير، و اللواط الذي سمّاه فاحشة و عذّب قوما به، و النقص في المكيال و الميزان، قال وَ لا تَنْقُصُوا الْمِكْيالَ وَ الْمِيزانَ إِنِّي أَراكُمْ بِخَيْرٍ وَ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ[1] و الافتراء على اللّه- تعالى- إلى غير ذلك؟
و يمكن أن يقال: إنّ عمرو بن عبيد اختنقه البكاء و لم يتمالك نفسه، فخرج صارخا قبل أن يتمّ أبو عبد اللّه- عليه السّلام- عدّ الكبائر، و لعلّ فيها إشعارا بذلك، حيث قال فيما قال: «و قطعية الرحم، لأنّ اللّه يقول وَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَ لَهُمْ سُوءُ الدَّارِ[2] قال: فخرج عمرو و له صراخ من بكائه. و ليس فيه ما يدلّ على سكوت أبي عبد اللّه- عليه السّلام- و إتمام كلامه، فلا يمكن استفادة الحصر بالمذكورات فيها مع الاحتمال المذكور الذي لا يبعد إشعار الرواية به.
و أمّا ما جعله مؤيّدا لمرامه من عدّ خصوص اليمين و شهادة الزور فيها.
ففيه- مضافا إلى أنّ اليمين ليس من الإخبار بل إنشاء، و حرمته بعنوانه غير حرمة الكذب، و إنّما يقال: الأيمان الكاذبة باعتبار متعلّقها فلا وجه لجعله مؤيّدا- أنّ اختصاص ذكره و ذكر شهادة الزور التي هي من كتمان الشهادة أيضا لأجل استفادة حكمهما من كتاب اللّه و قد أراد السائل معرفة الكبائر منه.
نعم لو قلنا باستفادة كون مطلق الكذب كبيرة من الكتاب يتوجّه السؤال عن وجه اختصاصهما بالذكر. و يمكن أن يكون لأجل اختصاصهما به في الكتاب.