حرمة الكذب في الجملة من الضروريات ماهية الصدق و الكذب
المسألة الخامسة: في الكذب.
و قد اختلفوا في ماهيّة الصدق و الكذب.
و المشهور أنّ الأوّل مطابقة الخبر للواقع، و الثاني مخالفته له. [1] و قد يقال: إنّ الأوّل مطابقة الحكم للواقع، و الثاني مخالفته له، و أنّ رجوع الصدق و الكذب إلى الحكم أوّلا و بالذات، و إلى الخبر ثانيا و بالواسطة.
قال به التفتازاني [2]. و هذا بوجه نظير قول من قال: «إنّ الألفاظ موضوعة للمعاني المرادة» [3] إن كان مراد التفتازاني بالحكم الإدراك الذهني و الحكم النفسي، و سيجيء الاحتمالات في كلامه.
أقول: لا شبهة في أنّ الكلام بنفسه مع قطع النظر عن صدوره من متكلّم مريد دالّ على المعنى. فلو نقشت بواسطة الحوادث الكونيّة كلمة: «السماء فوقنا»، و «السماء تحتنا» فلا يمكن أن يقال: إنّا لا نفهم منهما شيئا أصلا، أو هما لا يحكيان عن مدلولهما، أو يقال: إنّ المدلول منهما شيء واحد، أو إنّ مدلولهما ليس موافقا