هذا إن ادّعى عدم الفصل بين الحكمين الواقعيين كما هو ظاهره من دعوى التحكيم، و إن ادعى التلازم بين الحكمين الظاهريين فلا وجه للتحكيم بل الوجه التعارض.
هذا مضافا إلى جريان استصحاب عدم الضمان في الطرف الآخر أيضا، فمع عدم القول بالفصل و إجدائه يتعارض الأصلان. فالأقوى بحسب الأصل التفصيل.
كما أنّ الأقوى بحسب قاعدة اليد و الإتلاف الضمان مطلقا، و دعوى انصراف دليله إلى ما كان الإتلاف عليه لا له [1] في غير محلّها. كدعوى ظهور الإتلاف في العلّية التامّة [2] و هي في المقام مفقودة، لأنّ الضمان موقوف على عدم إجازة المالك بما ذكره الشيخ من ضمانه أوّلا و رفعه بالرضا بالصدقة، و إن أمر بالتأمّل لكنّه أوجه، لأنّ التصدّق بعد فرض عدم جواز الرجوع إلى الفقير و قد ادّعى الشيخ الأعظم عدم القول بجوازه إتلاف لماله عرفا و مقتض للضمان، فلا وجه لكونه مراعى بأمر متأخّر غير دخيل في الإتلاف.
و ربّما يقال: لا دليل على ضمان الإتلاف يؤخذ بإطلاقه، و
ما اشتهر أنّ «من أتلف مال الغير فهو ضامن»
مستنقذ من الموارد الجزئيّة.
و فيه: أنّ دليله
موثّقة أبي بصير في باب حرمة سباب المؤمن عن أبي جعفر- عليه السّلام-، قال: «قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: سباب المؤمن فسوق» إلى قوله: «و حرمة ماله كحرمة دمه» [3].
فإنّه في قوّة
قوله: «من أتلف مال الغير فهو ضامن»،
لأنّ معنى حرمة ماله أنّه لا يذهب هدرا بل هو محترم لا بدّ من جبره، كدمه فإنّه لا يطل دم
[1] راجع المكاسب للشيخ الأعظم: 71، في حكم الضمان لو ظهر المالك و لم يرض بالتصدّق.