و بالجملة إنّ تصحيح شراء المختلط لا يدل على جواز أكل المشتري إيّاه، لعدم كونها في مقام بيان غير صحّته، و لو فرض إطلاقه فلا محالة وجب إخراج خمسة بأدلّة ثبوته في المال المختلط بالحرام.
و لو أغمض عن ذلك فلا بدّ و أن يقال: إنّ الاختلاط موجب للتحليل واقعا و خروج الملك عن ملكيّة صاحبه و دخوله في ملك الغاصب ليصحّ الشراء، و هو- بعد الغضّ عن مخالفته للقواعد المحكمة و عدم إمكان تركها إلّا بأدلّة قاطعة صريحة معمول عليها، و هذه الرواية مع الاحتمال المتقدّم لا تصلح لذلك- موجب لوقوع التعارض بينها و بين سائر الروايات المتقدّمة، لأنّ سلب العلم و لو إجمالا عن الطريقيّة و الحجيّة غير ممكن، فلا بدّ من التصرّف في المعلوم. فلا بدّ و أن يقال:
إنّ موضوع الحكم في الصحيحة هو المال المختلط، علم به أم لا. فشراء المال المختلط بالسرقة صحيح واقعا، علم بها أم لا.
و مضمون تلك الروايات أنّ شراء المعلوم باطل، إجمالا كان العلم أم تفصيلا، مختلطا كان المعلوم أم لا.
فتتعارض الطائفتان تعارض العموم من وجه، و الترجيح مع سائر الروايات بوجوه لو قلنا بعمل العلاج في تعارض العامين من وجه، و مع القول بالتساقط فمقتضى القواعد العامّة عدم الجواز.
و منها: ما وردت في باب الربا:
كصحيحة الحلبي عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام-، قال: «أتى رجل أبي فقال: إنّي ورثت مالا، و قد علمت أنّ صاحبه الذي ورثته منه قد كان يربي، و قد أعرف أنّ فيه ربا و أستيقن ذلك و ليس يطيب لي حلاله لحال علمي فيه، و قد سألت فقهاء أهل العراق و أهل الحجاز فقالوا: لا يحلّ أكله. فقال أبو جعفر- عليه السّلام-