ثانيتهما: صورة عدم المانع من تنجيزه من هذه الجهات مع قطع النظر عن خصوصيّة المورد.
و قبل الورود في المطلب لا بدّ من التنبيه بأمر ربما صار الخلط فيه موجبا للخطإ في كثير من مباحث العلم الإجمالي:
و هو أنّ العلم بالتكاليف بحسب الكبرى الكلّية قد يتعلّق بتكليف فعلي يعلم بعدم رضا المولى بتركه كائنا ما كان لأجل أهميّته عنده، نظير قتل النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و قتل الولد في الموالي العرفية، و معه يسقط جميع الأصول العقليّة و الشرعيّة و جميع الأمارات العقلائيّة و الشرعيّة، و يجب عقلا الاحتياط التامّ، حرجيّا كان أم لا، و لا عذر إلّا العجز العقلي.
و ذلك لأنّه مع هذا العلم الوجداني بالتكليف الفعلي الكذائي لا يحتمل جواز الترخيص في العمل بالأمارات و لو في الشبهات البدويّة و كذا في العمل بالأصول، لأنّ جواز الترخيص بها مساوق لاحتمال اجتماع النقيضين، ضرورة أنّ العلم الوجداني بعدم رضا المولى بترك الواقع لا يجتمع مع احتمال الترخيص في تركه، فإنّ إجازة العمل بالأمارة أو الأصل و لو في الشبهة البدويّة ملازمة للترخيص في ترك الواقع على فرض تخلّفها عنه.
بل العلم بهذه المرتبة من الأهميّة بيان على التكليف الواقعي، و إن شئت قلت: كاشف عن إيجاب الاحتياط، و هو بيان وارد على قاعدة قبح العقاب بلا بيان.
ففي هذه الصورة لا يمكن الترخيص في الشبهات البدويّة فضلا عن أطراف العلم أو بعضها، و في مثله يصحّ أن يقال: إنّ الترخيص في الأطراف ترخيص في المعصية و هو محال.