و منها: ما أفاده الشيخ الأنصاري- قدّس سره- من التفصيل بين الواجب العيني و بين الواجب الكفائي [1]، فمنع أخذ الأجرة على الأوّل دون الثاني، و جعل من الثاني أخذ الطبيب الأجرة على حضوره عند المريض إذا تعيّن عليه علاجه، فإنّ العلاج و إن كان معيّنا عليه إلّا أنّ الجمع بينه و بين المريض مقدّمة للعلاج واجب كفائي عليه و على أوليائه، و من الأوّل أخذها على بيان الدواء إذا تعيّن عليه فلا يجوز.
و أنت خبير بأنّ ما ذكره ليس حلا للإشكال الذي وقعنا فيه من أنّ الشهرة و السيرة على جوازه في الواجبات النظامية مطلقا من غير تفصيل بين التعيّن بالعرض و غيره، ضرورة أنّ بناء العرف من المتشرعة و غيرهم على أخذ الأجرة و إعطائها بإزاء الطبابة و العلاج لا على محض الحضور. نعم مع حضوره عند المريض يتزايد الأجر.
إن قلت: إنّ السيرة مستقرّة في الواجبات الكفائيّة، ضرورة أنّ النظام قائم فعلا، و القائم بأمره لا ينحصر حتّى يتعيّن عليه، و الطبيب غير منحصر فلا يتعيّن عليه [2].
قلت: كلّا، فإنّ في هذا العصر الذي كثر فيه الأطبّاء كثرة مدهشة لا يكون في غالب القرى و كثير من صغار البلاد إلّا طبيب واحد أو كحّال كذلك، و كذا سائر من قام به النظام، و كثيرا ما يتعيّن على الطبيب العلاج، و لا يمكن للمريض
[1] راجع المكاسب للشيخ الأعظم الأنصاري: 62 و 63، في جواز أخذ الأجرة على الواجبات.