و إن شئت قلت: إنّ في الأعمال كالخياطة و النجارة و غيرهما أمورا ثلاثة:
المصدر، و حاصله- و هما متحدان وجودا و مختلفان اعتبارا-، و الأثر المرتّب عليه المعلول له. و الأوّلان موجودان متصرّمان متقضّيان لا بقاء لهما إلّا بالاعتبار في بعض الأحيان، و الثالث ربّما يكون من الموجودات القارّة الباقية.
فما وقع لدى العقلاء مورد الإجارة هو الشخص باعتبار عمله بالمعنى المصدري، و مفاد الإجارة أو لازمها انتقال عمل المؤجر إلى المستأجر، أي عمله بالمعنى المصدري، و هذا بعينه متعلّق التكليف، سواء كان الشيء من النظاميّات أو غيرها، أو من قبيل القضاء أو غيره. فالواجب على القاضي الحكم و القضاء بالمعنى المصدري، و هو الفاعل للخصومة، أو الواجب فصلها، و كلاهما فعلان اختياريان، لكن الأوّل بلا وسط و الثاني مع الوسط.
و أمّا حاصل المصدر و نتائج الأعمال أي آثارها فلم يقعا مورد الإجارة، بل لا معنى له كما هو واضح.
و أمّا الماليّة فلا يعقل أن تكون في اسم المصدر لا في المصدر، فإنّها قائمة اعتبارا بالأشياء في الوجود الخارجي أو بلحاظه، و الفرض أنّ المصدر و اسمه شيء واحد خارجا و حقيقة، فكيف يعقل أن يكون الشيء الواحد مالا و غير مال في ظرف وحدته، فكأنّه وقع الخلط بين المصدر و اسمه و بين العمل و أثره.
ثمّ لو سلّمنا ما ذكره كان لازمه تصحيح إجارة مطلق الواجبات، نظاميّة كانت أو غيرها، ضرورة أنّ التكاليف الشرعيّة متعلّقة بأعمال المكلّفين بالمعنى المصدري، و لو قيل بصحّة تعلّقها بحاصل المصدر لكنّه يحتاج إلى دليل و إلّا فظاهر الأدلّة ما ذكر.
فحينئذ مورد تعلّق التكليف غير مورد تعلّق الإجارة، لأنّ موردها بزعمه هو حاصل المصدر أو نتيجة العمل، و هما غير متعلّقين للتكليف. فلو فرض أن يكون