و من قوله- تعالى- إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً[1]، تأمل.
مع أنّ وجوب قضاء الواجبات أقوى شاهد على ذلك الاعتبار، فإنّه لو كان الحجّ مثلا واجبا عليه تكليفا محضا بلا اعتبار كونه عليه لما كان معنى لقضائه عنه بعد موته، لأنّ التكليف ساقط عنه بل غير متوجّه به، فلا بدّ و أن يكون في عهدته شيء لم يسقط عنه بسقوط التكليف و سقط بإتيان الغير كالولد الأكبر و غيره، و ليس إلّا اعتبار أمر وضعيّ و كون تلك الواجبات دينا عليه، و لا محالة يكون الدائن الطالب هو اللّه- تعالى.
إلّا أن يقال بمقالة علم الهدى، من أنّ القضاء ليس نيابة عن الميّت، و إنّما هو واجب أصلي خوطب به القاضي، و سببه فوات الفعل من الميّت، و الميّت لا يثاب عليه [2].
و هو كما ترى، بل لا بدّ من تأويل كلام السيّد كما أوّله بعضهم [3].
و كيف كان يظهر ممّا مرّ أنّ الأعمال الواجبة ملك للّه- تعالى- و دين على العبد، فلا يجوز إجارة نفسه لما لا يملكه، و يكون ملكا للغير.
ثمّ إنّ الاعتبار المذكور إنّما يكون في النذر بجعل العبد للّه على نفسه و تنفيذه- تعالى-، و باب الكفارات المعيّنة كلّها من قبيل الدين، و في المخيّرة إشكال عقلي قابل الدفع بتصوير جامع اعتباري أو انتزاعي، و ليس الكلام هاهنا في الواجب التخييري، و يأتي الكلام فيه.