و كذا لا ملازمة عقلا و لا عرفا بين جواز الاستيفاء قهرا و بين سقوط الماليّة و الاحترام كما في نظائره. فلو خاف على نفسه التلف يجوز بل يجب الانتفاع بمال الغير قهرا عليه، كالدخول في حمّامه و لبس ثوبه و ركوب دابّته مع امتناعه، و مع ذلك يجوز الاستيجار منه بلا إشكال و يكون ضامنا مع الانتفاع بها.
بل جواز الاستيفاء مجانا لا يوجب بطلان المعاملة عليه أيضا و لا تصير به خارجة عن التجارة عن تراض، كما جاز للمارّة الأكل مجّانا، و لا شبهة في جواز الاشتراء أيضا، إلّا أن يقال في المقام بلزوم الاستيفاء مجّانا [1] و هو أوّل الكلام.
فتحصّل ممّا ذكر أنّ شيئا من المذكورات لا يصلح لإسقاط ماليّة العمل و لا لإسقاط الإضافة إلى الفاعل و لا يدل شيء منها على بطلان المعاملة.
و أمّا ما أفاده في ذيل كلامه من حكم العقلاء بأنّ أخذ الأجر على ما وجب من قبل المولى أكل للمال مجّانا و بلا عوض [2]، ففيه منع، إلّا إذا فهم من أمره المجانيّة، و هو ليس محل الكلام.
و الشاهد على ما ذكرناه أنّه لو صرّح المولى بأنّه لا بأس بأخذ الأجر فيما أوجبت عليك لم يحكم العقلاء بالتنافي بين إيجابه و نفي بأس أخذه، مع أنّه يقع التنافي على ما أفاده. و لا أظنّ منه- قدّس سرّه- أنّه لورود دليل معتبر على جواز أخذ الأجر في الواجب عمل معه معاملة المعارض للكتاب و السنّة، بل الظاهر أنّ أخذ الأجر في مقابل فعل الحرام أيضا لا يكون من قبيل أكل المال بالباطل عند العقلاء إذا لم يكن الفعل باطلا عرفا، و لهذا إنّ العقلاء يعاملون على المحرمات
[1] راجع الجواهر 22- 120، كتاب التجارة، في عدم جواز أخذ الأجرة على فعل الواجب، و مستند الشيعة 2- 349، في حرمة أخذ الأجرة على فعل الواجب.