و يؤيّده استثناء التجارة عن تراض. فكأنّه قال: لا يجوز استنقاذ الأموال بشيء من الأسباب الباطلة، لكن لا بدّ و أن يكون بنحو التجارة عن تراض.
فإذا كان النهي متعلّقا بالأسباب الّتي تحصل بها الأموال كالقمار و البخس و الربا و السرقة- كما فسّرت بها أيضا على ما حكي [1]- و يكون المعنى: لا يجوز تحصيل المال بتلك الأمور، تدلّ الآية بإطلاقها على حرمة كلّ لعب يكون فيه رهن، و كذا لو كان المذكور جزء مدلولها.
و احتمال أن يكون النهي إرشادا إلى البطلان [2] غير وجيه، لأنّ ما تدخل في الآية غالبا لا تكون من قبيل المعاقدات الّتي تتّصف بالصحّة و البطلان، فلا يجوز رفع اليد عن ظاهر النهي الدالّ على التكليف.
و الإنصاف أنّ الاستدلال بالآية لا يخلو من وجه، و إن لا يخلو من مناقشة:
بأن يقال: إنّ غاية ما يمكن إثبات دخوله في الآية القمار، لورود روايات فيه يصحّ اسناد بعضها. فحينئذ يمكن أن يكون النهي عن الأكل كناية عن تحصيل المال بأسباب كالقمار مقابل التجارة، لا كالسرقة و الخيانة. فمع تعلّق النهي بالتحصيل بالأسباب أو بالأسباب لا يستفاد منه الحرمة التكليفيّة، لظهوره في الإرشاد إلى البطلان و عدم السببيّة، كسائر الموارد من الأشباه و النظائر.
نعم لو قام دليل على دخول السرقة و الظلم و نحوهما فيها لأمكن الاستدلال بها بما تقدّم.
مضافا إلى إمكان أن يقال: إنّ القمار الوارد في الأخبار المفسّرة بمعنى الرهن،
[1] مجمع البيان 3- 4- 59، في تفسير سورة النساء، الآية 29، و أيضا تفسير أبي الفتوح الرازي 3- 369.