و قد ورد حديث عن أمير المؤمنين- عليه السّلام-: أنّ هذه الآية أحكم آية في كتاب اللّه [1] فعليه يكون ظاهرها مرادا بلا تأوّل. و الظاهر منها أنّ عمل الخير بنفسه مورد الرؤية.
و يؤكده قوله يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتاتاً لِيُرَوْا أَعْمالَهُمْ[2].
فيظهر منها أنّ الأعمال نفسها متجسّدة مرئيّة فيها و الناس ملتذّ بها.
فلو فرض أنّ الآتي بالصلاة للّه- تعالى- و المجيب لدعوة أَقِمِ الصَّلاةَ^ إنّما يأتي بها و يطيعه- تعالى- طمعا للوصول إلى الصورة البهيّة اللازمة لعمله، فهل يمكن أن يقال: عمله باطل، أو يقال: للجنة خصوصيّة؟
فلو قيل: إنّ أمثال ذلك خارج بدليل.
قلنا: مرجع هذا إلى عدم اعتبار الخلوص فيها، و أنّ تلك الأفعال ليست بعبادة، و هو خلاف الضرورة، فإنّ الإجماع بل الضرورة على اعتبار الخلوص في العبادات و قصد غير اللّه مضرّ بها، فيكشف منهما و ممّا ذكرناه عقلا و نقلا أنّه لا يعتبر في العبادية إلّا الخلوص في نفس العمل، أي كونه امتثالا له- تعالى- من غير تشريك في هذه الرتبة و لا ينظر إلى مبادئ التحريك.
و يؤيّد ما ذكرناه بل يدلّ عليه إطلاق أدلة الأمر بالمعروف [3] فإنّ المعروف إن كان من العبادات، و المكلّف التارك كان غير منبعث عن أمر اللّه- تعالى- فأمره والده أو من يحتشم منه أو من يحبّه و لا يرضى بمخالفته واقعا، فأتى بالتكليف الإلهي و امتثل أمر اللّه إطاعة لوالده أو غيره، لا بدّ و أن تقع صحيحة، و إلّا لزم أن
[1] راجع مجمع البيان 9- 10- 800، و عنه في الصافي 5- 358.